العلم خطأ واحد فقد نتسأل : لقد سبق هذا الخطأ بأخطاء أخرى نبه إليها ، وعيب بها قائلوها ، فلم لم يدفع واحد منها إلى وضع هذا العلم؟! ولم أهملت كلها؟! أو اكتفي فيها كلها بمجرد التصويب والتصحيح ، والحق أن النفس تميل إلى تعدد الأسباب والأخطاء ، وأن هذا التعدد في الخطأ والتنوع فيه هو الذي حفز الهمة وقوى الرغبة في محاولة التخلص منه» (٩٧) فكانت هناك أخطاء نحوية قليلة صدرت قبل هذه الفترة ، ولكنها لم تحفز على التفكير في وضع النحو ، وذلك لقلتها وضالتها ، وإنما بدأ التفكير حينما اتسعت ظاهرة اللحن ـ للعوامل التي ذكرناها سابقا ، والتي كانت تشجع على هذا الانتشار والاتساع ـ وخوفا من تزايد هذه الظاهرة في المستقبل بحيث يصعب علاجها.
٢ ـ الاختلاف في متون النصوص :
كما نرى ذلك في بعض الروايات الواردة في هذا المجال ، ولكننا نلاحظه أن هذا الاختلاف لا يقتصر عليها فحسب ، بل نراه أيضا حتى في الأحاديث النبوية الشريفة مع وجود حوافز أقوى وأكثر لحفظها وعدم إهمالها ونسيانها ، كل ذلك لأجل عدم وجود التدوين وتأخر الكتابة ، والاعتماد على الذاكرة في حفظها ، والنقل بالمعنى للأحاديث لا نقل اللفظ وهذه الحالة تفرض هذا الاختلاف في المتن والشكل ـ ولو بصورة جزئية ـ لا تؤدي إلى الاختلاف الكبير في المعنى والمضمون.
٣ ـ الاختلاف في الواضع :
فإن بعض الروايات ـ كما رأينا ـ تدل على أن أبا الأسود هو الذي وضع النحو ، بينما البعض الآخر منها تدل على وضعه النحو بتوجيه من الإمام ـ عليهالسلام ـ بعد أن وضع له بعض القواعد الأساسية ليسير على ضوئها ، إذا
__________________
(٩٧) مدرسة البصرة النحوية : ٥٠.