أيدينا ـ وسند الرواية فيه ، فإنه يروي عن السابقين ، فإذا روى عن بعضهم فقد يصل بالسند إلى أبي الأسود وينتهي عنده ، وهذا يدل على أنه كان الواضع الأول» (٩٦) ، إذا فسيبويه أشار إلى أبي الأسود في كتابه إما بالإيماء كتعبير السابقين والبادئين والأولين حيث يشعر هذا التعبير بقدمهم زمنيا لا أنهم مقاربون لعصره ، أو أشار إليه بالتصريح كما ذكره كمال إبراهيم.
مع الاعتراض الرابع
ونناقش فيه مشكلة اختلاف الروايات ، في سبب الوضع ، وفي الشكل اللفظي للروايات ، وفي الواضع.
١ ـ الاختلاف في سبب الوضع :
عرفنا سابقا مدى شيوع اللحن ، ومدى خطورته الدينية واللغوية ، وكان الإمام ـ عليهالسلام ـ قد اطلع على بعض مضاعفات ومظاهر هذا الوباء على الألسنة ، كما أن أبا الأسود كان يلمس بين آونة وأخرى مدى انتشار اللحن بين المسلمين نظرا لثقافته اللغوية وإحساسه باللحن وتفكيره الدائم في هذا المجال ، وكان يرى أمثالا وشواهد كثيرة للحن بين الناس ، وكان ينقل بعض هذه الشواهد والمؤشرات للإمام ـ عليهالسلام ـ كما درسنا ذلك.
إذا فالسبب الذي دعا إلى وضع النحو هو (انتشار اللحن) ، ولا يمكن أن يكون اللحن منتشرا إلا إذا كانت هناك مؤشرات وشواهد عديدة تعبر عن هذا الانتشار ، أما إذا كان هناك شاهد واحد للحن ـ أو شاهدان ـ فلا تدفع مثل هذه الضئالة الإمام ـ عليهالسلام ـ أو أبا الأسود لوضع النحو ، لأنه حينئذ لا يشكل حافزا قويا فاعلا لوضعه ، فإذا أدركنا ذلك عرفنا لماذا تعددت الأسباب لوضع النحو.
يقول عبد الرحمن السيد : «.. لأنه إذا كان السبب في التفكير في هذا
__________________
(٩٦) كمال إبراهيم ، واضع النحو الأول ، مجلة البلاغ ، العدد ٩ ص ٢٧.