بعد ذلك «يقول محمد بن سلام : سمعت رجلا يسأل يونس عن ابن أبي إسحاق وعلمه ، قال : هو والنحو سواء ، أي هو الغاية فيه ، قال : فأين علمه من علم الناس اليوم؟ قال : لو كان في الناس اليوم من لا يعلم إلا علمه لضحك به ولو كان فيهم أحد له ذهنه ونفاذه ، ونظر نظره كان أعلم الناس» (٩٣) فإذا كان شأن آراء ابن أبي إسحاق كما ذكر فكيف يكون الحال في آراء أبي الأسود وهو متقدم زمنيا عليه؟!
٣ ـ الرواة المعاصرون لأبي الأسود :
ولكن كل ذلك ليس بشئ أمام ذلك الحشد الكبير من الروايات المثبتة لهذه النسبة «وبعض الروايات لمؤرخين كانوا قريبي العهد إلى عصر وضع النحو» (٩٤) كما مر ذكرهم ، إضافة إلى ما ذكره النحاة في كتبهم وسيبويه نفسه «من ذكر اصطلاحات نحوية وقواعد عرفت بالنقل عن البادئين الأولين ، والناقلون هم من أوثق الثقات كالخليل بن أحمد وابن العلاء ، فقد درس هؤلاء على رجال الطبقة الثانية» (٩٥) فإذا لم يكن البادئون الأولون أبا الأسود وتلاميذه ، إذن فمن يكونون؟! مع العلم أنه لم تفصل ـ كما يدل الرأي السابق ـ بين طبقة الخليل وابن العلاء وبين طبقة أبي الأسود فترة زمنية واسعة ، هذا كله بالإضافة للشواهد التي ذكرناها سابقا التي تدل على وجود كتاب لأبي الأسود في النحو وتعرض بعض الكتب النحوية لآرائه ووضعه أمثال تقسيم الكلمة.
٤ ـ سيبويه وأبي الأسود :
وبعد ذلك كله يقول كمال إبراهيم : «وهذا كتاب سيبويه ـ وهو بين
__________________
(٩٣) أخبار النحويين البصريين : ٢٠.
(٩٤) كمال إبراهيم ، واضع النحو الأول ، مجلة البلاغ ، العدد ٩ ص ٢٧.
(٩٥) كمال إبراهيم ، واضع النحو الأول ، مجلة البلاغ ، العدد ٩ ص ٢٧.