الْحَمْدُ
لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) فأن هنا مخفّفة من الثّقيلة.
والمتأخّرون
يقولون في تعريف «أن» المفسّرة هي التي يسبقها معنى القول دون حروفه ، ويكون بعدها
جملة.
أن المصدريّة :
هي أحد نواصب
المضارع ، وهي والفعل بمنزلة المصدر ، وعلى هذا يجوز تقديمها وتأخيرها ، وتقع في
كلّ موضع تقع فيه الأسماء ، إلّا أنّ المضارع بعدها لما لم يقع ـ أي للمستقبل ـ نحو
قولك :
«أن تأتيني خير
لك» وقوله تعالى : (وَأَنْ تَصُومُوا
خَيْرٌ لَكُمْ) و «يسرني أن تجلس» وقوله تعالى : (وَالَّذِي أَطْمَعُ
أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ).
وإن وقعت على
فعل ماض كانت مصدرا لما مضى ، تقول : «سرّني أن قمت» وقال الله عزوجل : (وَامْرَأَةً
مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِ) قراءة بفتح أن ، ونحو «ساءني أن كلّمك زيد وأنت غضبان»
أي لهذه العلّة. وتقول «عسى زيد أن يقرأ» أن مع الفعل بتأويل المصدر ، ولكن لا
يجوز أن تظهر المصدر مع عسى ، فتقول «عسى زيد القيام» لأنّ المصدر يكون للماضي والحاضر والمستقبل و «عسى»
إنما تعدّ لما يقع و «أن» النّاصبة لا تقع ثابتة ، وإنّما تقع مطلوبة أو متوقّعة
نحو «أرجو أن تذهب» «وأتوقّع أن تأتي» أما الثّابتة التي لا تقع إلّا بعد ثابت فهي
المخفّفة من الثقيلة ، وإذا وقعت بعدها الأفعال المستقبلة وكانت بينها وبينها «لا»
فإن عملها على حاله ، تقول : «أحبّ ألّا تذهب» و «أكره ألّا تكلّم زيدا» والمعنى :
أكره تركك كلام زيد ، ومنه قوله تعالى : (إِلَّا أَنْ يَخافا
أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ).
وقد يشترك
بالعطف بالواو ، أو الفاء ، أو ثمّ أو فعل آخر في «أن» تقول : «أريد أن تقوم وتكرم
زيدا» و «أريد أن تأتيني فتؤنسني» و «أريد أن تجلس ثمّ نتحدّث».
فإن كان الفعل
الثاني خارجا عن معنى الأوّل كان مقطوعا مستأنفا أي لا يتبع النّصب بأن نحو : «أريد
أن تأتيني ، فتقعد عني»؟ و «أريد أن تكرم بكرا ، فتهينه؟» كما قال رؤبة أو الحطيئة
:
والشّعر لا
يضبطه من يظلمه
|
|
إذا ارتقى
فيه الذي لا يعلمه
|
زلّت
به إلى الحضيض قدمه
|
يريد أن يعربه
فيعجمه
__________________