أنّ السير متّصل بعضه ببعض في أيّ الأحوال كان ومن ذلك قولك : «ما أنت إلّا
شرب الإبل» و «ما أنت إلّا ضرب النّاس» وأما شرب الإبل فلا ينوّن ـ لأنّه لم يشبّه
بشرب الإبل ـ.
ونظير ما انتصب
قول الله عزوجل : (فَإِمَّا مَنًّا
بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً) أي فإمّا تمنّون منّا ، وإمّا تفادون فداء. ومثله قول
جرير :
ألم تعلمي
مسرّحي القوافي
|
|
فلا عيّا
بهنّ ولا اجتلابا
|
ينفي أنه أعيا
بهنّ عيّا أو اجتلبهنّ اجتلابا.
قال سيبويه :
وإن شئت رفعت هذا كلّه فجعلت الآخر هو الأوّل فجاز على سعة من الكلام ومن ذلك قول
الخنساء :
ترتع ما رتعت
حتّى إذا ادّكرت
|
|
فإنّما هي
إقبال وإدبار
|
فجعلها ـ أي الناقة
ـ الإقبال والإدبار ، وهذا نحو نهارك صائم وليلك قائم.
(٦) نصب المصدر
المشبّه به على إضمار الفعل المتروك إظهاره :
وذلك قولك : «مررت
به فإذا له صوت صوت حمار» ـ أي كصوت ـ و «مررت به فإذا له صراخ صراخ الثّكلى».
وقال النابغة
الذبياني :
مقذوفة بدخيس
النّحض بازلها
|
|
له صريف صريف
القعو بالمسد
|
وقال النّابغة
الجعدي :
لها بعد
إسناد الكليم وهدئه
|
|
ورنّة من
يبكي إذا كان باكيا
|
هدير هدير
الثّور ينفض رأسه
|
|
يذبّ بروقيه
الكلاب الضّواريا
|
فإنّما انتصب
هذا لأنّك مررت به في حال تصويت ، ولم ترد أن تجعل الآخر ـ أي الصوت المنصوب ـ صفة
للأوّل ولا بدلا منه ـ أي فترفعه ـ ولكنّك لما قلت : له صوت علم أنّه قد كان ثمّ
عمل فصار قولك : له صوت بمنزلة قولك : فإذا هو يصوّت ـ صوت حمار ـ. ومثل ذلك «مررت
به فإذا له دفع دفعك الضّعيف» ومثل ذلك أيضا «مررت به فإذا له دقّ
__________________