فالصّواب أن المقدّر يكون مفردا نكرة وعندها يجب الإفراد كما لو صرّح بالمفرد ، ويكون جمعا معرّفا وعند ذلك يجب الجمع ، وإن كانت المعرفة لو ذكرت لوجب الإفراد ، ولكن فعل ذلك تنبيها على الحال المحذوف فيهما.
فالأوّل نحو : (كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ)(١) و (كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ)(٢) إذ التقدير : كلّ أحد.
والثّاني نحو : (كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ)(٣) و (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)(٤).
٥ ـ يجوز نعت «كلّ» والعطف عليها : يجوز أن تنعت «كلّ» أو يضاف إليه ، تقول «كلّ رجل ظريف في الدّار» يجوز الرّفع نعتا ل «كل» ويجوز الخفض نعتا ل «رجل» وكذلك العطف كقول : «كلّ معلّم وتلميذ عندك» يجوز الرفع عطفا على «كل» والجر عطفا على «معلّم».
كلا وكلتا : اسمان يعربان توكيدا للمثنّى ، وقد يعربان على حسب مواقع الكلام ، وليس «كل» أصلا لهما ، ويلحقان بالمثنّى ويعربان إعرابه إن أضيفا إلى الضّمير ، وإن أضيفا إلى الظّاهر أعربا إعراب المقصور ، وهما مفردان لفظا ، مثنّيان معنى مضافان أبدا لفظا ومعنى إلى كلمة واحدة معرفة دالّة على اثنين ، والأكثر فيهما مراعاة اللّفظ ، وبه جاء القرآن نصّا في قوله تعالى : (كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً)(٥) وقد اجتمع مراعاة اللّفظ والمعنى في قول الشّاعر يصف فرسا :
كلاهما حين جدّ الجري بينهما |
قد أقلعا وكلا أنفيهما رابي |
فثنّى «أقلعا» مراعاة لمعنى كلا ، وأفرد «رابي» مراعاة للّفظ وهو الأكثر.
(انظر الإضافة ، والتوكيد ، والمثنى).
كلّا : قال سيبويه : «وأمّا كلّا فردع وزجر» لا معنى لها عندهم (٦) غير ذلك ، حتى إنهم يجيزون أبدا الوقوف عليها ، والإبتداء بما بعدها ، وهناك من يرى أنّها قد تأتي لغير الرّدع والزّجر فتكون بمعنى حقّا (٧) نحو : (كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ)(٨) ، وبعضهم يرى أنها قد تأتي
__________________
(١) الآية «٨٤» من سورة الإسراء «١٧».
(٢) الآية «٢٨٥» من سورة البقرة «٢».
(٣) الآية «١١٦» من سورة البقرة «٢».
(٤) الآية «٣٣» من سورة الأنبياء «٢١».
(٥) الآية «٣٣» من سورة الكهف «١٨».
(٦) أكثر البصريين وسيبويه والخليل والمبرد والزجاج.
(٧) يرى ذلك الفراء في قوله تعالى (كَلَّا وَالْقَمَرِ).
(٨) الآية «١٨» من سورة المطففين «٨٣».