فائدة :
قال : قال الكواشى فى تفسيره (١) : من الأولى فى قوله تعالى : (مِنَ السَّماءِ)(٢) : [٤٦] لابتداء الغاية ، والثانية : للتبعيض ، / والثالثة : لبيان الجنس. انتهى.
ويجوز أن يكون المطر ينزل من البحر الذى مرتفع بين السماء والأرض ، ويقال إنه دائما يجرى. قيل : ولو لا هو لا حترقت الأرض بحمى حر الشمس.
وذكر بعض الشيوخ فيه حكاية عجيبة فقال : إن بعض الملوك أرسل بازا (٣) أشهب خلف طائر ، فصعد إلى الجو ، وجاء بعد ساعة وفى رجله سمكة. فجمع الملك علماء مملكته واستفتاهم عن هذه السمكة ، وأنه هل يجوز أكلها؟ فأفتوه كلهم بجواز أكلها.
وكان هناك شاب مشتغل بالعلم ، وكان أبوه تاجرا ينفق عليه ، فضجر منه فتركه بلا نفقة ، فهاجر الشاب فى طلب العلم ، فقعد سنينا ، ثم قدم فوجد الملك والعلماء مجتمعين ، وهو يستفتيهم فى السمكة ، فلما أفتوه جميعا بجواز أكلها ، يعنى السمكة ، قام الشاب من بينهم وقال : يا ملك ، هذه السمكة حرام لا يجوز أكلها. فقال : ولم [٤٧] قلت؟. قال : لا أقول حتى تجعل لى / جعلا ، فجعل له عشرة آلاف دينار. فقال : اعطونى الآن منها ألفى دينار. فأعطوه ألفين ، فبعث بها إلى أبيه ، وقال : قولوا له إن ابنك سافر وجاء ببضاعة ، فباع منها بألفى دينار ، وهى إلى الآن ما فتحت. ثم قال للملك : إن بين السماء والأرض لبحر ، لا يناله إلا البازات الشهب ، وروى «فيه» (٤) حديثا ، [وأنها](٥) سمكة سم ، وأنت لما أرسلت الباز وفاته الطائر ، خطف هذه السمكة من البحر ، فأت بشخص يكون قد استوجب القتل ، فأطعمها له. فأتوا بشخص عليه قتل ، فأطعموه منها ، فمات من ساعته. فأكملوا له العشرة آلاف دينار.
__________________
(١) هو كتاب «التبصرة فى التفسير» لأحمد بن يوسف الكواشى الموصلى الشيبانى الشافعى ، المتوفى سنة ٦٨٠ ه.
وهو كتاب كبير فى التفسير. انظر : حاجى خليفة : كشف الظنون ، ج ١ ، ص ٣٣٩ ، ص ٤٥٧ ؛ ابن تغرى بردى : النجوم الزاهرة ، ج ٧ ، ص ٣٤٨.
(٢) سورة النور ، جزء من آية (٤٣).
(٣) البازى هو أشد الجوارح تكبرا وأضيقها خلقا ، يوجد بأرض الترك. والباز الغالب عليه بياض اللون وهو أحسن البزاة وأملأها جسما وأجرأها قلبا وأسهلها رياضة. والأشهب لا يوجد إلا بأرض أرمينية وأرض الجزر. انظر : عجائب المخلوقات ، ص ٢٤٣ ـ ٢٤٤.
(٤) ما بين الأقواس ساقط من نسخة ح.
(٥) «وأن» فى نسختى المخطوطة. ولعل الصواب ما أثبتناه بين الحاصرتين.