بسم الله
الرحمن الرحيم
«وصلى الله على
سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم»
الحمد لله حمدا
يوافى نعمه ، ويكافىء مزيده ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، شهادة
توجب العاقبة الحميدة ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله إلى الأمة الشهيدة ،
وإلى سائر الفرق القريبة والبعيدة ، فبلّغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، ودعا إلى الله
عبيده ، ونسأل الله من فضله أن يجعلنا من الأمة السعيدة ، ولا يجعلنا من الفرق
العنيدة.
وبعد ، فقد روى
عن سيدنا «رسول الله» صلى الله عليه وسلم أنه قال : «أربعة لا تشبع من أربعة
، عين من نظر ، وأنثى من ذكر ، وأرض من مطر ، وعالم من خبر» .
ولما كان إقليم
مصر مشتملا على فوائد وأمور عجيبة ، استخرت الله تعالى فى أن أجمع فيه من نفيس
الغرائب ما لا ينبغى لذوى العلم / إهمالها ، ولا لساكن مصر [٣] إغفالها. وكيف
وكلهم أو أكثرهم لو سئل عن نهر النيل من أين يخرج من الأرض؟ وفى أى مكان يذهب؟ ،
ولو سئل عن طوله ، وعن سبب تكدّره وخضرته فى وقت الزيادة ، ومن أين تمدّه الزيادة؟
وفى أى مكان يذهب ومادته إذا نقص؟ ، لما أجاب عن ذلك.
وأنا إن شاء
الله مبين لجميع ذلك ، قاصدا فيه الاختصار . وقبل الشروع فى ذلك أتعرض لما يدلّ على فضيلة هذا
النهر على غيره من أنهار الدنيا ، وبيان ذلك فى فصلين.
__________________