بالإمام قد ماج عقله وهاج (١) بقله واختلّ كلامه وانحلّ زمامه (٢) عند تكلّمه هاهنا في ردّ استدلال الشيعة بهذه الآية الواحدة فسوّد ورقة كلّها هذر وجلّها شذر (٣) مذر وهو يعلم أنه محجوج لكن هوى الأصول (٤) الفاجرة يحمله على سوء المكابرة وأما ثالثا فلأنّ ما ذكره من أنّ أمر الشيعة بالضد يدلّ على أنه لم يعرف معنى الضد إذ المضادّة إنما يتحقق لو حكموا بارتداد الشيعة من حيث مخالفتهم لهم في مسألة الامامة ولم يحكم بذلك هذا الرجل ولا أحد من أهل نحلته (٥) فكيف يقولون بذلك مع أنّ مسألة الامامة عندهم من الفروع كما مر. والمجتهد المخالف في شيء من الفروع وكذا مقلّده لا يكون فاسقا فضلا عن أن يكون مرتدّا ، فغاية أمر الشيعة أن يكونوا قوما مقهورين للمستولين في زمانهم من أهل الردّة ينتظرون حضور إمامهم ودنو الوقت الذي وعدهم الله بقوله : (فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ) الآية (٦) ولهذا قال الشيخ ابن العربي : إنّ أسعد الناس حالا بالمهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف هو شيعة الكوفة كما مرّ فافهم. وأما قوله إنّ الشيعة ممنوعون عن إظهار مقالاتهم ممنوع ولو سلّم فقد جرت عادة الله على إيصال مقالاتهم وحججهم إلى الملحدين
__________________
نص على استعمال سائر بمعنى الجميع أبو على الفارسي في الأمالي والحرير في الدرة.
(١) في القاموس هاج يهيج هيجانا وهياجا بالكسر ثار كاهتاج وتهيج وأثار ، والإبل عطشت والنبت يبست. ثم الجملة مثل مولد وقيل من الأمثال الجاهلية ، يقال فيمن يطلب حجته وضعفت قوته ونفدت شوكته وزالت رياسته.
(٢) لا يخفى ان هذه الجملة من باب الاستعارة بالكناية المصطلحة لدى علماء البيان.
(٣) شذر مذر قال في القاموس : يقال وتفرقوا شذر مذر بكسر أولهما ذهبوا في كل وجه.
(٤) إيماء وتلويح إلى نسب الرازي إذ هو تيمى وعدوى أبا واما.
(٥) في العدول عن الملة إلى النحلة ما لا يخفى على اللبيب الفطن وجهه.
(٦) المائدة. الآية ٥٤.