المرتدين نصرة للدّين المبين كما أوصل هذه المقالة ونحوها إلى فخر الدّين وفاء بما وعده بقوله: (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) (١)
وأما رابعا فلأنّ ما ذكره في الوجه الثاني من المقام الثاني من انّ أبا بكر هو الذي تولى محاربة المرتدّين غير مسلم وما شرحه سابقا مما لا ينشرح به صدر من له قلب ، وذلك لأنا لا نسلم أنّ الذين ارتكب أبو بكر قتالهم كانوا من أهل الردّة لما سبق من ان من عدّهم أبو بكر وأصحابه من أهل الرّدة كانوا قسمين (٢) قسم لم يؤمن قط كأصحاب مسيلمة (٣) وسجاح فهؤلاء كانوا كفارا حربيين لم يسلموا قط فإطلاق الارتداد عليهم مخالف للعرف واللّغة والثاني قوم منعوا الزكاة من أن يدفعوها إلى أبي بكر وفرّقوها على فقراء قومهم لاعتقادهم عدم استحقاق أبي بكر للخلافة وأنّ المنصوص عليه هو عليّ عليهالسلام كما مرّ تفصيلا وهذا لا يوجب الارتداد عن الدّين كما لا يخفى.
وأما خامسا فلأنّ ما ذكره في الوجه الأوّل من الجواب عن الإلزام اللازم له من أنّ القوم الذين قاتلهم أبو بكر من أهل الردّة ما كانوا موجودين في الحال فبطلانه ظاهر لأنّ رئيس فرقة ممن سموهم مرتدّين كان مسيلمة وسجاح وهم كانوا في زمان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ورئيس بني (٤) حنيف كان مالك (٥) بن نويرة وهو كان من
__________________
(١) الروم. الآية ٤٧.
(٢) قد مر نقل هذه العبارة من كتاب المحلى لابن حزم الأندلسي فراجع.
(٣) قد مرت ترجمتهما في أوائل هذا المجلد.
(٤) قد مر المراد بهم في (ج ٢ ص ٣٩٤).
(٥) هو مالك بن نويرة بن حمزة التميمي اليربوعي في التجريد ص ٥٣ ما لفظه : له وفادة واستعمله رسول الله صلىاللهعليهوسلم على صدقات قومه وقضيته مشهورة قتله الخالد بن الوليد زمن أبي بكر انتهى.