هذه النسبة ، فعلمنا أنّ الحق مع السواد الأعظم فتبعناهم «انتهى».
أقول
قد بينا فيما سبق : أنّ النص ليس ما توهمه من ظاهر تعريفه المذكور ، بل هو ما لا يحتمل خلاف المقصود ولو بمعونة القرائن الواضحة ، وأما ما ذكره : من أنّ الآيات كانت دالة على خلاف مقصود المصنف فبناه في ذلك كما مرّ على أنّ لفظ الفعل المذكور في بعض تلك الآيات بمعنى الكسب الذي اخترعه الأشعري ، وكذا ما ذكر فيها بلفظ الكسب ، وأنت تعلم أنّ لفظ الفعل والكسب لم يجيء في اللّغة بالمعنى الذي اخترعه من المحلّية والمقارنة ونحوهما ، ولا يدلّ عليه بإحدى الدّلالات الثلاث ، فاحتمال إرادته الكسب بذلك المعنى كما هو خلاف مقصود المصنف مخالف لمقصود الله تعالى أيضا ، فلا يقدح في استدلال المصنف بها على مقصوده ، ولا يدفع كونها نصا في معناها الحقيقي ، وأما ما ذكره الناصب في تقرير عذر علماء نحلته ، فهو مما لا يبيض وجوههم ، إذ يكذّبهم الله تعالى في ذلك ويقول لهم : كيف يصح دعواكم أنه لا خالق في الوجود سواك وأنت خلقت كلّ شيء؟ مع أنكم أثبتم صفات سبعة زائدة قديمة ، وأنكرتم كونها مخلوقة لي وأنكم نسبتموني إلى الظلم والسفه حيث نفيتم عن أنفسكم الفعل وأثبتم الكسب بالمعنى الذي لا يوجب استحقاق العقاب والثواب ، وأما التضرع إلى الله بأنك إن تعذّبنا فنحن عبادك وإن تغفر لنا فبفضلك ، فمشترك بين قاطبة أهل الإسلام لا اختصاص له بالأشاعرة ، وأما التصرف كيف شاء ، فإن أراد به أنواعا وأصنافا من الثّواب أو العقاب التي يستحقها المكلّف في استحسان العقل فصادق ، لكن لا يفيده ، وان أراد به التصرّف الحسن والقبيح فهو سبحانه منزّه عن القبيح فيرد بذلك برى على (ردّ على خ ل) وجوه ضراعتهم ، وأمّا ما ذكره في عذر العوام ، فهو عذر غير مسموع ، إذ يقول الله تعالى لهم في ردّ ذلك : من أين علمتم أنّ معنى السّواد الأعظم ذلك؟