هذا السؤال كيف تركتم هذه النّصوص ونبذتموها (وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا)؟ (١) إلا بانا طلبنا الحياة الدّنيا وآثرناها على الآخرة ، وما عذر عوامهم في الانقياد إلى فتوى علمائهم واتّباعهم في عقائدهم؟ وهل يمكنهم الجواب عن هذا السؤال كيف تركتم هذه الآيات وقد جاءكم بها النّذير ، وعمرناكم ف (ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ)؟ (٢)؟ إلا بأنّا قلّدنا آبائنا وعلمائنا من غير فحص ولا بحث ولا نظر مع كثرة الحلاف وبلوغ الحجة إلينا ، فهل يقبل عذر هذين القبيلين؟ وهل يسمع كلام الفريقين؟ «انتهى».
قال النّاصب خفضه الله
أقول : قد عرفت فيما مضى أنّ النّص مالا يحتمل خلاف المقصود ، وقد علمت في كلّ الفصول من استدلالاته بالآيات أنّها دالة على خلاف مقصوده ، فهي نصوص مخالفة لمدّعاه ، والعجب أنّه يفتخر ويباهي بإتيانها ، ثم يقول : ما عذر علمائهم وعوامهم؟ فنقول : أمّا عذر علمائهم فإنهم يقولون يوم القيامة : إلهنا كنّا نعلم أنّ لا خالق في الوجود سواك ، وأنت خلقت كلّ شيء ، ونحن كسبنا المعصية أو الطاعة ، فان تعذّبنا فنحن عبادك ، وإن تغفر لنا فبفضلك وكرمك ، ولك التّصرف فينا كيف شئت ، وأما عذر عوامهم فانّهم يقولون : إلهنا إنّ نبيّك محمّدا صلىاللهعليهوآله أمرنا بأن نكون ملازمين للسّواد الأعظم ، فقال صلىاللهعليهوآله : عليكم بالسّواد الأعظم(٣) ، ورأينا في أمته صلىاللهعليهوآله السّواد الأعظم كان أهل السنة والجماعة ، فدخلنا فيهم واعتقدنا مثل اعتقادهم ، ورأينا أنّ المعتزلة ومن تابعهم من الشيعة كاليهود يخفون مذهبهم ويسمونه التقية ، ويهربون من كلّ شاهق إلى شاهق ، ولو نسب إليهم أنهم معتزليون ، أو شيعة ، يستنكفون عن
__________________
(١) إشارة الى قوله تعالى في سورة آل عمران. الآية ١٨٧.
(٢) إشارة الى قوله تعالى في سورة فاطر. الآية ٣٧.
(٣) رواه في كنز العمال (ج ١ ص ١٦٠) وتقدم ذكره في الجزء الاول من الكتاب.