معاوية الباغي وجروه يزيد والوليد الأموي الجبّار العنيد الذي استهدف المصحف المجيد ، والحجّاج الظالم الفاتك الشّديد ، واللّص المتغلّب الدوانيقي ونحوهم من كلّ شيطان مريد ، فانّهم كانوا يدفعون الفتنة المتوهّمة على الحوزة بل على خصوص سلطنتهم وجاههم بقتل كلّ متهم (١) وصلب كلّ عدوّ متوهم (٢) وإحراق بيوت أقوامهم وجيرانهم (٣) وضرب أعناقهم (٤) إلى غير ذلك من العذاب والنكال بلا ثبوت ذنب منهم على وجه شرعي ، وبالجملة أنّ حفظ الحوزة على الوجه المشتمل على الانتظام الظاهري ودفع الهرج والمرج (٥) ودفع تطاول بعض الآحاد على بعض قد يترتّب على وجود الخلفاء المجازيّة والملوك الجائرة بل بوجود الشحنة والعسس (٦) بل ربّما يحصل هذا القسم من الانتظام دون غيرهم من الخلفاء الحقيقيّة فانّهم بموجب سياساتهم العرفيّة المذكورة ربّما يدفعون تطاول آحاد النّاس على غيرهم من العباد بوجه لا يتيسّر لغيرهم من الخلفاء الأمجاد ، لكنّهم أنفسهم وأولياء دولتهم يعملون من ضعفاء العباد ما يشاؤن من الجور والفساد ، ولو وقع خلل في أحكام الدّين القويم واعوجاج في أركان الطريق المستقيم عجزوا عن الإصلاح والتقويم كما أشار إليه عبيد الله بن (٧) الحرّ في جملة قوله شعر :
__________________
(١) كسعيد بن جبير وعمرو بن الحمق الخزاعي ورشيد الهجري.
(٢) كميثم التمار وزيد بن على بن الحسين عليهماالسلام.
(٣) كبيوت بنى هاشم في المدينة في عهد يزيد.
(٤) كمسلم بن عقيل وهاني بن عروة.
(٥) الهرج : الوقوع في الفتنة ، والمرج : الاضطراب والفساد.
(٦) الشحنة بالكسر : من أقامهم الملك لضبطها ، والعسس : الذين يطوفون بالليل يحرسون الناس ويكشفون أهل الريبة.
(٧) قال في ذخيرة الدارين (ص ٢٢٨ ط النجف الأشرف) ما لفظه :