وعدم استواء الهادي والمضلّ والمهتدي والضالّ (١) وهذا أمر مسلّم ، فذلك الفاضل الذي لم يصر إماما وصار المفضول إماما يترجح على المفضول بالعلم والشرف ، ولكنّ المفضول إذا كان أحفظ لمصالح الحوزة وأصلح للامامة فهو أحقّ بالامامة ، والفاضل على فضله وشرفه ولا محذور في هذا ، ومن الاشاعرة من فصّل في هذه المسألة وقال : نصب الأفضل إن أثار فتنة لم يجب كما إذا فرض أنّ العسكر والرّعايا لا ينقادون للفاضل بل للمفضول وإلا وجب انتهى.
أقول
مراد المصنّف قدسسره أنّه يجب أن يكون الامام أفضل وأكمل من الرعيّة في جميع أوصاف المحامد كالعلم والزّهد والكرم والشّجاعة والعفّة وغير ذلك من الصّفات الحميدة والأخلاق المرضيّة ، وبالجملة يجب أن يكون أشرفهم نسبا وأعلاهم قدرا وأكملهم خلقا وخلقا كما وجب ذلك في النّبي بالنّسبة إلى امّته ، وهذا الحكم متّفق عليه من أكثر العقلاء إلا أنّ أهل السنّة خالفوا في أكثره كالأعلميّة والأشجعية والأشرفيّة لأنّ أبا بكر لم يكن كذلك مع أنّ عمر وأبا عبيدة نصباه إماما ، وكذا عمر لم يكن كذلك وقد نصبه أبو بكر إماما ، ولم يتفطنوا بأنّ هذا الاختيار السوء قد وقع مواضعة ومخادعة من القوم حبّا لجاه الخلافة وعداوة لإمام الكافّة كما يكشف عنه قول طلحة حين كتب أبو بكر وصية لعمر بالولاية والخلافة حيث قال (٢) مخاطبا لعمر : وليته أمس ولّاك اليوم إلى غير ذلك من
__________________
(١) وأنت خبير أن الآية الثانية ليست في مقام منع مجرد الاستواء بين الهادي والمضل بل في مقام بيان الاحق بالتبعية ، وأن الاحق بها هو الهادي الى الحق دون من يحتاج في الاهتداء الى غيره.
(٢) ذكره ابن قتيبة في السياسة والامامة (ص ٢٠ المطبوعة بمصر سنة ١٣٥٦) في كتاب لأبي بكر بإملاء عثمان المتضمن لاستخلافه عمر ثم قوله لعمر خذ هذا الكتاب