وطريق التعيّش مع الرعيّة بحيث لا يكون فظّا غليظا (١) منفرا ولا سهلا ضعيفا يستولي عليه الرّعية (٢) ، ويكون حامي الذمار ويكفيه من العلم ما يشترط القوم من الاجتهاد ، وكذا الشجاعة والقرشية في الحسب والنسب ، وإن وجد في رعيّته من كان في هذه الخصال أتمّ ولا يكون مثله في حفظ الحوزة فالذي يكون أعلم بتدبير حفظ الحوزة فالعقل يحكم بأنّه هو الأولى بالامامة ، وكثير من المفضولين يكونون أصلح للامامة من الفاضلين ، إذ المعتبر في ولاية كلّ أمر والقيام به معرفة مصالحه ومفاسده وقوّة القيام بلوازمه ، وربّ مفضول في علمه وعمله وهو بالزّعامة والرياسة أعرف وبشرائطها أقوم وعلى تحمّل اعبائها أقدر ، وان أراد بالأفضل أن يكون أكثر ثوابا عند الله فهذا أمر يحصل له الشرف والسعادة ولا تعلّق له بالزعامة والرئاسة وان أراد بالأفضل الأصلح للامامة لكونه أعلم بحفظ الحوزة وتدبير المملكة فلا شكّ أنّه أولى ، ولا يجب التقديم إذا حصل حفظ الحوزة بالأدون ، بل الأولى والأنسب تقديم هذا إذا لم يسبق له عقد بيعة ، فان سبق وكان في تغييره مظنّة فتنة فلا يجوز التغيير ، هذا جواب ما استدلّ به على هذا المطلب من لزوم القبح العقلي مع أنّا غير قائلين به ، واما ما استدلّ به من الآية فهو يدلّ على عدم استواء العالم والجاهل
__________________
(١) وفي الصواعق (ص ٨٧ ط عبد الوهاب بمصر) روايات ناصة على كون الثاني فظّا غليظا ، وكذا يظهر من الناصب تسلم هذا المعنى فراجع كلماته في الكتاب (ص ٢٢٨ الطبع القديم بطهران) مضافا الى ما مر في المجلد الاول من كتابنا هذا (ص ٥٣) فقد نقلنا هناك عن شرح ابن ابى الحديد وصحيح البخاري ، وعلى ما ذكره الناصب هنا كيف يكون الثاني جديرا بالخلافة.
(٢) ويكفى في ضعف الثالث ما شوهد من سلطة بنى أمية عليه وتمكنهم من رقاب المسلمين حتى آل الأمر الى حصاره وقتله في الدار وصيرورته هدفا للملام ، فمن كان رشده وقوة قلبه وحزمه بهذه المثابة كيف يكون جديرا لزعامة الدين وخلافة سيد المرسلين.