الاحتراق في الحطب وثانيهما صرف الحطب نحو الإحراق بضمّ النّار إليه ، والأوّل ليس بظلم ولا عدوان ، لأنّ نفعه أكثر من ضرّه وخيره أعظم من شرّه كما لا يخفى والثاني ظلم وعدوان لكنّه فعل العبد دونه سبحانه ، وأما قوله : وإن حسن ذلك حسن أن يقال : لم جعل الله الكافر محلا للكفر ثمّ أحرقه بالنار فمدفوع ، بأنّ الله تعالى لم يجعل الكافر محلا للكفر وإنما جعله محلا للفطرة الصحيحة كما ورد في الحديث المشهور (١) وهو باختياره السوء جعل نفسه محلا للكفر فلهذا لا يحسن أن يقال لم جعل الله الكافر محلا للكفر لا للقياس الفاسد الذي ذكره الناصب ، وخلاصة الكلام في هذا المقام أنّ الكسب بأىّ معنى يرام لا يوجب خلاصهم عن الشّناعة والملام لما مرّ ، وسيجيء إليه الاشارة في كلام المصنّف قدسسره من أنّ العبد إن استقلّ بإدخال شيء في الوجود بطل ما قالوا : إن قدرة العبد لا تؤثّر وإن لم تستقلّ فلا يكون كاسبا ، ويكون الكلّ بقدرة الله تعالى وهو مخالف للضرورة
__________________
(١) المراد بالحديث المشهور قوله صلىاللهعليهوآله : كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه. منه «قده».
أقول : قد ورد هذا الحديث الشريف بعدة طرق في كتب الفريقين فمن كتب العامة في الجامع الصغير (ج ٢ ص ٢٤٢ الحديث ٣٥٦ ط مصر) ومتنه هكذا : كل مولود يولد على الفطرة حتى يعرب عنه لسانه ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه (ع طب ه ق) عن الأسود بن سريع (صح) وكتاب كنز العمال الجزء الاول ص ٢٣٧ وص ٢٣٨.
ومن كتب الخاصة في اصول الكافي (ج ٢ ص ١٣ باب الفطرة الحديث ٤ ط طهران) ومتنه : كل مولود يولد على الفطرة.