إنّما يتبع متبوعه ، (١) ، ويتأخّر عنه بالذّات والمؤثّر متقدّم ، الوجه الثاني من وجهى النقض أنّ الوجوب اللاحق لا يؤثر في الإمكان الذّاتي ، (٢) ويحصل الوجوب باعتبار فرض وقوع الممكن فانّ كلّ ممكن على الإطلاق ، إذا فرض موجودا فانّه حالة وجوده يمتنع عدمه لامتناع اجتماع النقيضين وإذا كان ممتنع العدم كان واجبا ، مع أنه ممكن بالنظر إلى ذاته والعلم حكاية عن المعلوم ، ومطابق له إذ لا بدّ في العلم من المطابقة ، فالعلم والمعلوم متطابقان والأصل في هيئة التطابق هو المعلوم ، فانه لولاه لم يكن علما ، ولا فرق بين فرض الشيء وفرض ما يطابقه بما هو حكاية عنه وفرض العلم هو بعينه فرض المعلوم ، وقد عرفت أنّ مع فرض المعلوم يجب ، فكذا مع فرض العلم به ، وكما أنّ ذلك الوجوب لا يؤثر في الإمكان الذاتي كذا هذا الوجوب (٣) ، ولا يلزم من تعلّق علم الله به وجوبه بالنسبة إلى ذاته ، بل بالنسبة إلى العلم «انتهى».
__________________
(١) والحاصل أننا نمنع استحالة الايمان من الكافر مثلا وأن حصوله يفضى الى انقلاب علم الله جهلا ، وذلك لان العلم تابع للمعلوم متعلق به على ما هو عليه ، فان كان الشيء واقعا تعلق العلم بوقوعه ، وان كان غير واقع تعلق العلم بعدمه ، فالإيمان ان وقع علمنا أنه تعالى كان عالما بوقوعه ، وان فرضناه غير واقع لزم القطع بأنه تعالى علم عدم وقوعه ففرض الايمان بدلا عن الكفر لا يقتضى تغير العلم بعدمه ، بل يقتضى أن يكون الحاصل في الأزل هو العلم بالايمان بدلا عن العلم بالكفر.
(٢) وهو شرط التكليف.
(٣) يعنى أن الوجوب اللاحق حصل بعد فرض العلم فلا يؤثر في الإمكان الذاتي ولا في القدرة عليه كما أن فرض المعلوم يوجبه وجوبا لاحقا وهو لا يؤثر في الإمكان الذاتي للطرف الآخر ، وبالجملة لا فرق بين فرض الشيء وفرض مطابقه ولا ينافي ذلك تأخير المعلوم عن العلم فان العلم حكاية والحكاية قد يتقدم زمانا وقد يتأخر ، وهي متأخرة على التقديرين بالذات عن المحكي وكذا العلم السابق لان شرطه المطابقة والامتناع لا حق وهو لا يؤثر في الإمكان الذاتي الذي هو شرط التكليف.