الذي وقع فيه الغلو الى الصحة أي الى امكان وقوعه هذا ولكن الاولى أن يقول منها ما أدخل عليه ما يخرجه عن الامتناع بدل قوله ما يقربه الى الصحة تادبا إذ صحة كلام رب العزة لا مزيد عليها فكيف يقال فيه ما يقربه الى الصحة (نحو لفظة يكاد في) قوله تعالى (يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ) فالمدعى المبالغ فيه اضائة الزيت كأضائة المصباح من غير نار ولا شك ان اضائة الزيت اضائة كأضائة المصباح بلا نار محال عقلا وعادة فلو قيل في غير القرآن هذا الزيت يضيء كأصائة المصباح بلا نار لكان مردودا وحيث وضع لفظة كاد لقرب الخبر ودنوه كما بين ذلك في النحو وقيل يكاد يضيء أفاد أن المحال لم يقع ولكن قرب من الوقوع مبالغة لأن المعنى يقرب زيتها من الاضائة والحال انه لم تمسسه نار ومعنى قرب المحال من الوقوع توهم وجود أسباب الوقوع وقرب المحال من الوقوع قريب من الصحة اذ قد تكثر أسباب الوهم المتخيل بها وقوعه ولو كان لا يقع.
(وعليه) أي وعلى هذا الصنف ورد (بيت السقط) :
شجا ركبا وأفراسا وابلا |
|
وزاد فكاد أن يشجوا الرحالا |
والوجه فيه يعلم مما تقدم في الآية المباركة.
(ومنها) أي ومن اصناف المقبول من الغلو (ما تضمن نوعا حسنا من التخييل) أي تخييل الصحة وذلك لكون ما أشتمل على الغلو يسبق الى الوهم امكانه لرؤية شيء كالغبار في البيت الآتي يغالط الوهم فيه فيتوهم صحته والتقييد بكونه حسنا للأشارة الى أن تخييل الصحة وحده لا يكفي اذ لا يخلو منه محال حتى اخافة النطف في البيت المتقدم وإنما المعتبر ما يحسن لصحة مغالطة الوهم فيه بخلاف ما يبدو انتفائه للوهم