ولكن لا يذهب عليك ان التناقض والتنافي بينهما بحسب الظاهر وان شئت قل ان التناقض عرفي لا منطقى لان علة حب اللوم فى كلام ابى الشيص اشتمال اللوم على ذكر المحبوب وهذا محبوب له وعلة كراهة الوم في كلام ابي الطيب صدوره من عدو المحبوب والصادر من عدو المحبوب مبغوض.
فاذا اختلفا العلتان ارتفع الاتحاد المشروط في التناقض واذا ارتفع الاتحاد ارتفع التناقض المنطقي لان التناقض المنطقى هو ان يكون الكلامان بحيث يلزم من صدق احدهما كذب الآخر وبالعكس وههنا ليس كذلك لان الكلامين كليهما صادقين كل باعتبار علة حسبما بينا فالتناقض بحسب الظاهر وعرفي لا منطقى.
(والاحسن في هذا النوع) اى في القلب (ان يبين السبب) أى يبين العلة في الكلامين المتناقضين بحسب الظاهر والعرف وذلك لأجل ان يعلم ان التناقض بينهما ليس منطقيا بل بحسب الظاهر والعرف (كما) بين السبب والعلة (في البيتين) المتقدمين وقد اوضحنا ان التناقض بينهما ليس منطقيا لاختلاف العلة فيهما.
(إلا ان يكون) السبب والعلة (ظاهرا) بحيث يعرف وان لم يذكر (كما في قول ابى تمام) :
ونغمة معتف جدواه أحلى |
|
على اذنيه من نغم السماع |
(وقول ابى الطيب) :
والجراحات عنده نغمات |
|
سبقت قبل سيبه بسؤال |
فمعنى البيتين بحسب الظاهر والعرف متناقضين ولم يبين السبب والعلة فيهما لكونه ظاهرا.
وجه التناقض ان معنى بيت ابى تمام ان هذا الممدوح لفرط محبته