(ولما كان في كلام البعض ما يشعر بان الموازنة المفسرة بما فسر به الماثلة مما يختص بالشعر اورد الخطيب في المتن الاتي (لها) اى للموازنة المفسرة بما فسر المماثلة (مثالا من النثر ومثالا من الشعر تبنيها على انها) اي الموازنة المفسرة بما فسر به المماثلة (تجرى في النثر والنظم جمعيا ولا تختص بالنظم على ما هو مذهب البعض) بتوهم ان النظم انسب باسم الموازنة وهذا التوهم سخيف في الغاية لان الاسم لا تحقق مدلوله في المسمى كلفظ الموضوع لبعض الاشقياء ولفظ البصير ولبعض العميان.
(وعلم منه) اى من ايراد الخطيب مثالا من النثر ومثالا من الشعر (ان المماثلة لا تختص بالنثر كما سبق الى الوهم من قوله) اي قول الخطيب في تفسير الموازنة (هي تساوي الفاصلتين) وجه هذا التوهم ان الفاصلة مختصة بالنثر ولكن قد تقدم هناك ان استعمال الفاصلتين فى تفسير الموازنة من قبيل استعمال اللفظ في حقيقة ومجازه فالحقيقة كون الفاصلتين في النثر والمجاز كونهما في الشعر والمراد فيما نحن فيه كلا المعنيين فلا وجه لهذا التوهم ايضا.
والحاصل انه لما اراد التعميم ودفع هذين التوهمين المتناقضتين (فقال نحو (آتَيْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ)) هذه قرنية (وَهَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) هذه قرنية اخرى وكلتا القرينتين التقفية.
واقعة في النثر (و) اما الواقعة في النظم فهو (قوله اي نحو قول ابي تمام) فى مدح نسوة (مها الوحش) المها بضم الميم واجاز بعضهم الفتح (اي بقر الوحش) اي هذه النسوة كمها الوحش في سعة الاعين وسوادها واهدابها (الا ان هاتا او انس اى هذه النساء تانس بك وتحدثك ومها الوحش نوافر) وبعبارة اخرى هذه النساء تانس بالعشاق والعشاق بهن خلاف مها الوحش فانها نوافر لا تانس باحد ولا احد بها.