ولاحت من بروج البدر بعدا |
|
بدور مها تبرجها اكتنان |
ففيه اشكال لأن ترك المشبه لفظا وتقديرا) كما هو المفروض (واجراء اسم المشبه به عليه يقتضي ان يكون هذا) القسم (استعارة) لا تشبيها إذ التشبيه لابد فيه من مشبه لفظا أو تقديرا وليس فليس (وذكر وجه الشبه يقتضي ان يكون تشبيها) فأن وجه الشبه اعني في الشجاعة وبعدا أي في البعد (يقتضي تقدير المشبه اي الرجل في المثال والقصور في البيت (اي رأيت رجلا كالأسد في الشجاعة ولاحت من قصور مثل بروج البدر في البعد) ولا يصح ان لا يقدر المشبه ويصار إلى الأستعارة إذ لا يصح وقوع اسم المشبه موقع المشبه به فأنه لو قيل رأيت رجلا شجاعا لكان لغوا من الكلام لفوات المبالغة المطلوبة في المقام وقس عليه البيت (فبينهما) أي بين المقتضيين اي الاستعارة والتشبيه (تدافع) إذ لازم احدهما كون اللفظ مجازا ولازم الآخر كونه حقيقة (كذا ذكره صدر الأفاضل في ضرام السقط) شرح ديوان المعري.
(والظاهر أن هذا من باب التشبيه لأن المراد بكون المشبه مقدرا أعم من ان يكون محذوفا جزء كلام كما في قوله تعالى (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ)) أي هم صم فالمشبه وهو هم محذوف وهو جزء الكلام لأنه مبتدء (أو يكون في الكلام ما يقتضي تقديره) ولو لم يكن الكلام مفتقرا الى تقديره بأن يكون تاما بدونه (كما في قولنا رأيت اسدا شجاعا) اي رجلا كالأسد فأن ذكر وجه الشبه اعني الشجاعة اقتضى تقدير المشبه اعني رجلا (بدليل إنهم جعلوا الخيط الأسود في قوله تعالى) (كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ تشبيها) لأن من الفجر الذي هو بيان للخيط الأبيض يقتضي تقدير المشبه اعني من الليل الذي هو بيان للخيط الأسود (لأن بيان الخيط الأبيض بالفجر قرينة على ان الخيط الأسود أيضا مبين