في القران فاصلة رعاية للادب لان السجع كما تقدم في الاصل هدير الحمام وقد تقدم في الفاصلة وجه اخر ايضا.
(او ما اشبه ذلك) كالتطير والتفال ونحوهما مما تقدم في تقديم المسند اليه والمسند واما مثال التقديم لرعاية الفاصلة في القران فكثير (قال الله تعالى (وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)) فقدم انفسهم لمجرد مراعاة الفواصل لانها على النون (وقال تعالى (خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ) فقدم الجحيم وفاسلكوه لما ذكر لان الفاصلة على الهاء (وقال تعالى (إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ) وليعلم انه ان جعل عليكم صلة لحافظين فالتمثيل ظاهر لانه قدم انفسهم لمجرد مراعاة الفواصل فانها على النون الا انه ان يبقى بلا خبر مذكور فيحتاج الى تقديره.
وان جعل خبرا فالاظهر ان يحمل على التنظير دون التمثيل لان الكلام ههنا في احوال متعلقات الفعل وان كان تقديم ما حقه التاخير مطلقا قد يفيد التخصيص (وقال تعالى (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) فقدم المفعول بالواسطة لما ذكر لان فواصل الاى على هاء التأنيث (وقال تعالى (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) فقدم السائل لان الفاصلة على الراء (الى غير ذلك من المواضع) التي قدم المفعول فيها (مما لا يحسن فيه اعتبار التخصيص لنبو المقام) اى لامتناع المقام (عنه) اى عن التخصيص (على ما صرح به ابن الاثير في المثل السائر حتى ذكر ان التقديم في اياك نعبد واياك نستعين لمراعاة حسن النظم السجعى الذى هو على حرف النون) وهو بعد الياء الساكنة المكسورة ما قبلها فيكون اخر الايات كلها على وزن قبل