وصاحب الكشاف (وغفل عنها الجمهور فاستحسنوا كلامهما).
فان الشيخين جعلا مجرد الفعلين اعني السقي والذود من دون اعتبار تعلقهما بمفعول سببا للترحم فلو قدر للفعلين مفعول لادى الى فساد المعنى لما تقدم آنفا من انه يتوهم ان الترحم عليهما ليس من جهة انهما على الذود والناس على السقى بل من جهة ان مذودهما غنم ومسقيهم ابل والدقة التي اعتبرها صاحب المفتاح بعد التامل في كلامهما انه نظر الى ان المفعول ليس مجرد الابل والغنم بل الابل المضافة اليهم والغنم المضافة اليهما بحيث لو انعكس الامر لما كان في المقام موجب للترحم فلو لم يقدر المفعول في الاية لفسد هذا المعنى ففيما ذهب اليه دقة يحتاج فهمها الى ذوق سليم وسليقة مستقيم وذلك موهبة من مواهب الله العزيز الحكيم.
(واما) يكون الحذف (للرعاية) والمحافظة (على الفاصلة) اى على اواخر الفقرات من الكلام او الايات القرانية والفرق بين السجع والفاصلة ان الفاصلة اعم لانها كما اشرنا تكون في القران وغيره بخلاف السجع فانه لا يطلق على اخر الايات القرانية تأدبا لانه في الاصل بمعنى هدير الحمامة واحتمل بعضهم ان تسمية اواخر الايات بالفواصل لقوله تعالى (كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ) (نحو قوله (وَالضُّحى وَاللَّيْلِ إِذا سَجى) اى اذا اظلم (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) والشاهد فيه (اى ما قلاك) اى ما ابغضك (فحذف المفعول لان فواصل الاى) في هذه السورة اغلبها (على الالف).
(و) ليعلم انه (لا امتناع في ان يجتمع في مثال واحد عدة من الاغراض المذكورة) وذلك لان لفظة او فيها بمعنى منع الخلو لا منع