(كذا في دلائل الاعجاز) فعدم الحذف فيما نحن فيه اى عدم حذف جملة ان ابكى ليس لكون تعلق المشية بها غريبا بل لعدم القرينة لتباين البكائين من حيث الاطلاق والتقييد حسبما بيناه.
الى هنا كان الكلام في مفعول شئت (ومما نشأ من سوء التامل وقلة التدبر في هذا المقام ما قيل ان الكلام في مفعول ابكى) يعني تفكرا لا في مفعول شئت يعني جملة ابكى (والمراد) اى مراد المصنف بقوله في المتن المتقدم فليس منه (ان البيت ليس من قبيل ما حذف فيه المفعول) يعني تفكرا (للبيان بعد الابهام بل) حذف المفعول يعني تفكرا (لغرض آخر) من الاغراض التي توجب الحذف وهو كونه من باب التنازع او الاختصار او التعميم او الضرورة.
(لا يقال) يمكن ان يكون البيت من ذلك اذ (يحتمل ان يريد) الشاعر (اني ضعفت ونحلت بحيث لم يبق في مادة الدمع فصرت بحيث اقدر على بكاء التفكر والمعنى) حينئذ (لو شئت ان ابكى تفكرا بكيت تفكرا (فحذف المفعول من احدهما بناء (على انه) كما اشرنا سابقا (من باب التنازع مثل ضربت واكرمت زيدا فيكون من قبيل ولو شئت ان ابكى دما لبكيته) فان تعلق فعل المشية ببكاء التفكر كتعلقه ببكاء الدم غريب فلا بد من ذكر المفعول اعني جملة ان ابكى ليقرر في ذهن السامع ويانس به السامع فلذا ترك حذفه.
(لانا نقول ترتب هذا الكلام) اى قول الشاعر فلو شئت الخ (على قوله فلم يبق مني الشوق غير تفكرى يدل على فساد هذا الاحتمال لان بكاء التفكر ليس سوى الاسف والكمد) اى الحزن المكتوم (والقدرة عليه) اى على هذا البكاء (لا تتوقف على ان لا يبقى فيه