فالالتفات فيه في قوله جائني والنكتة فيه انه لما تناهى جزعه افاق ورجع اليه عقله فعرف قبح ما هو فيه من الغلق واظهار الجزع وخيل له ان هناك من يسئله سبب ما هو فيه فخاطبه مخبرا عن السبب على وجه الاعتذار واظهار الحزن بقوله وذلك من نباء الخ
(وقول صاحب الكشاف قد التفت امرء القيس ثلاث التفاتات في ثلاث ابيات ظاهر في ان مذهب السكاكي موافق لمذهبه) اى لمذهب صاحب الكشاف ان كان توزيع الالتفاتات الثلاث عند صاحب الكشاف على الابيات الثلاث على النحو الذي مر من مذهب السكاكي.
(فان قيل) لا نسلم ان توزيع الالتفاتات عند صاحب الكشاف على النحو الذي مر من مذهب السكاكي فانه (يجوز ان يكون) عند صاحب الكشاف (احدها) اي احد الالتفاتات الثلاث (في بات) فانه عبر فيه عن نفسه بطريق الغيبة بعد التعبير عنه بطريق الخطاب في ليلك (والاخران في جائني احدهما باعتبار الانتقال من الخطاب في ليلك والاخر باعتبار الانتقال من الغيبة في بات او يكون الثاني) من الثلاث (في) الكاف من قوله (ذلك باعتبار الانتقال من الفيبة الى الخطاب لان الكاف في) لفظ (ذلك للخطاب) كما سنبينه عن قريب (و) الالتفات (الثالث في جائني باعتبار الانتقال من الخطاب) في ذلك الى التكلم في خبرته (فيصح ان فيه) اي في قول امرء القيس (ثلاث التفاتات على مذهب الجمهور ايضا) فمن اين علم ان التوزيع عند صاحب الكشاف مثله عند السكاكي حتى يصح ان يقال ان مذهب السكاكي موافق لمذهبه لم لا يجوز ان يكون التوزيع عند صاحب الكشاف على النحو المذكور الذي يوافق مذهب الجمهور.