(والمراد بالاعتبار المناسب الأمر الذى اعتبره المتكلم) في كلامه (مناسبا) للحال والمقام ، كالتأكيد والحذف ونحوهما مما تقدم تفصيله ، فالمصدر ـ اي الاعتبار ـ بمعنى اسم المفعول ـ اي المعتبر ، وانما عبر بالمصدر مبالغة كما في قولنا «زيد عدل» ، وذلك لأن الاعتبار لازم للأمر المناسب فكأنه نفس الاعتبار ، كما ان العدالة صارت لازمة لزيد فكأنه نفس العدالة ، (بحسب السليقة) اي الطبيعة قال في المجمع : يقال «فلان يتكلم بالسليقة» اي بسجيته وطبيعته من غير تعمد اعراب ولا تجنب لحن. قال الشاعر :
ولست بنحوى يلوك لسانه |
|
ولكن سليقي اقول فأعرب |
وفي حديث ابي الأسود «انه وضع النحو حين اضطرب كلام العرب وغلبت السليقة» انتهى. وهذه السليقة مختصة بالعرب العرباء الذين تحداهم القرآن ، وقد ذكرناهم في الجزء الأول عند قول الخطيب من الأمثلة والشواهد.
وأما اذا كان المتكلم من غيرهم فذلك الاعتبار المناسب انما يكون بما اشار اليه بقوله : (او بحسب تتبع خواص تراكيب البلغاء) سواء كان ذلك التتبع بواسطة ، كالأخذ من القوانين المدونة المستنطة من تراكيبهم ، فان تلك القوانين مأخوذة من ذلك التتبع ، فالأخذ منها اخذ بالواسطة ، او كان التتبع بغير واسطة وذلك كتتبع المتكلم نفسه خواص تراكيبهم اذا كانت غير مدونة.
قال في المثل السائر : وأما النوع الرابع ، وهو الاطلاع على كلام المتقدمين من المنظوم والمنثور ، فان في ذلك فوائد جمة ، لانه يعلم منه اغراض الناس ونتائج افكارهم ، ويعرف به مقاصد كل