ـ اعنى طيّ جمل عن البين ولا طيها ـ فحسن الكلام تأليفه مطابقا لذلك. وما ذكرناه حديث اجمالى لا بد من تفصيله فاستمع لما يتلى عليك باذن الله ـ انتهى.
وانما ذكرنا كلام المفتاح بطوله ليتضح لك ما تقدم وما يأتى ، لأنه الأصل والأساس للمتقدم والآتى.
(فجميع ما ذكر من التقديم والتأخير والاطلاق والتقييد وغير ذلك اعتبارات مناسبة ، وارتفاع شأن الكلام في الحسن) اي بالنظر لحسنه الذاتي (والقبول) اى بالنظر للسامع من البلغاء ، اى يصير الكلام مقبولا عنده (بمطابقته ـ اي الكلام ـ للاعتبار المناسب) للحال والمقام ، فاذا كان المناسب له تأكيد الكلام مثلا أكد ، واذا كان المناسب له خلوه عن التاكيد لا يؤكد ، واذا كان المناسب له الايجاز اوجز ، واذا كان المناسب له الاطناب اطنب ، وهكذا. وكذلك في قلة الاعتبارات وكثرتها ، فقد يناسبه تأكيد واحد ، وقد يناسبه تأكيدان او اكثر.
فكلما كانت المطابقة اتم كان الكلام في مراتب الحسن في نفسه والقبول عند السامع من البلغاء ارفع شأنا واعلى (وانحطاطه ـ اي انحطاط شأنه ـ بعدمها ـ اي بعدم مطابقة الكلام للاعتبار المناسب) فكلما كان انقص مطابقة كان اشد انحطاط شأن وأدنى درجة وأقل حسنا وقبولا ، فان لم يطابق اصلا التحق بأصوات الحيوانات العجم التي تصدر عن محالها بحسب ما يتفق من غير اعتبار اللطائف والاعتبارات والخواص الزائدة على اصل المراد ، كما يصرح بذلك عند بيان المرتبة السفلى من البلاغة.