والحكمة حياة للقلوب على حد قوله «وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا» ، فالمجاز في المثبت ـ وهو الحياة ـ فاما الاثبات فواقع على حقيقته ، لانه ينصرف الى ان الهدى والعلم والحكمة فضل من الله وكائن من عنده.
ومن الواضح في ذلك قوله عزوجل (فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) وقوله (إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى) جعل خضرة الارض ونضرتها وبهجتها بما يظهره الله تعالى من النبات والانوار والازهار وعجائب الصنع حياة لها ، فكان ذلك مجازا في المثبت من حيث جعل ما ليس بحياة حياة على التشبيه ، فأما نفس الاثبات فمحض الحقيقة لأنه اثبات لما ضرب الحياة مثلا له فعلا لله تعالى ولا حقيقة احق من ذلك.
الى ان قال : ان الفعل اذا كان موضوعا للتأثير في وجود الحادث وكان العقل قد بين بالحجج القاطعة والبراهين الساطعة استحالة ان يكون لغير القادر تأثير في وجود الحادث وان يقع شىء مما له صفة القادر ـ انتهى باختصار.
فهذا الكلام صريح في انه يجب في وجود كل موجود من فاعل موجد له ، فكيف يظن به انه يعتقد في «اقدمنى بلدك حق لى على فلان» ونظائره انه لا يجب ان يكون للفعل فاعل في التقدير اذا نقل الفعل اليه صار الاسناد فيها حقيقة ، هب ان ظاهر كلامه في دلائل الاعجاز ذلك لكنه موحد ، وقد تقدم ان صدور الكلام منه قرينة على المجازية غاية ما فيه انه جعله مما لا حقيقة مستعملة له ولا ضير فيه ، فالمناسب لحال من توهم على الشيخ ذلك واعترض عليه