لكون الشىء دليلا الا افادته اياك العلم بما هو دليل عليه ، واذا كان هذا كذلك علم منه ان ليس الأمر على ما قالوه من ان المعنى في وصفنا اللفظ بأنه خبر انه قد وضع لأن يدل على وجود المعنى او عدمه ، لأنه لو كان كذلك لكان ينبغي ان لا يقع من سامع شك في خبر يسمعه ، وان لا تسمع الرجل يثبت وينفي الا علمت وجود ما اثبت وانتفاء ما نفى ، وذلك مما لا يشك في بطلانه ، واذا لم يكن ذلك مما يشك في بطلانه وجب ان يعلم ان مدلول اللفظ ليس هو وجود المعنى او عدمه ، ولكن الحكم بوجود المعنى او عدمه ، وان ذلك ـ اى الحكم بوجود المعنى او عدمه ـ حقيقة الخبر ـ انتهى.
(و) الأمر الثاني انه (لما صح ضرب زيد الا وقد وجد منه الضرب لئلا يلزم اخلاء اللفظ عن معناه الذي وضع له ، وحينئذ لا يتحقق الكذب اصلا).
قال الشيخ : واعلم انه انما لزمهم ما قلناه من ان يكون الخبر على وفق المخبر عنه ابدا من حيث انه اذا كان معنى الخبر عندهم اذا كان اثباتا انه لفظ موضوع ليدل على وجود المعنى المخبر به من المخبر عنه او فيه وجب ان يكون كذلك ابدا ، وان لا يصح ان يقال «ضرب زيد» الا اذا كان الضرب قد وجد من زيد ، وكذلك يجب في النفى ان لا يصح ان يقال «ما ضرب» الا اذا كان الضرب لم يوجد منه ، لأن تجويز ان يقال «ضرب زيد» من غير ان يكون قد كان منه ضرب ، وان يقال «ما ضرب زيد» وقد كان منه ضرب يوجب على اصلهم اخلاء اللفظ من معناه الذى وضع له ليدل عليه ، وذلك مما لا يشك في فساده ، ولا يلزمنا علي اصلنا لأن معنى اللفظ