عندنا هو الحكم بوجود المخبر به من المخبر عنه او فيه اذا كان الخبر اثباتا والحكم بعدمه اذا كان نفيا ، واللفظ عندنا لا ينفك من ذلك ولا يخلو منه ، وذلك لأن قولنا «ضرب وما ضرب» يدل من قول الكاذب على نفس ما يدل عليه من قول الصادق ، لأنا ان لم نقل ذلك لم يخل من ان يزعم ان الكاذب يخلى اللفظ من المعنى ، او يزعم انه يجعل للفظ معنى غير ما وضع له ، وكلاهما باطل ، ومعلوم انه لا يزال يدور في كلام العقلاء في وصف الكاذب انه يثبت ما ليس بثابت وينفى ما ليس بمنتف ، والقول بما قالوه يؤدى الى ان يكون العقلاء قد قالوا المحال من حيث يجب على اصلهم ان يكونوا قد قالوا أن الكاذب يدل على وجود ما ليس بموجود وعلى عدم ما ليس بمعدوم ، وكفى بهذا تهافتا وخطلا ودخولا في اللغو من القول ، واذا اعتبرنا اصلنا كان تفسيره ان الكاذب يحكم بالوجود فيما ليس بموجود وبالعدم فيما ليس بمعدوم ، وهو اسد كلام واحسنه.
والدليل على ان اللفظ من قول الكاذب يدل على نفس ما يدل عليه من قول الصادق انهم جعلوا خاص وصف الخبر انه يحتمل الصدق والكذب ، فلولا ان حقيقته فيهما واحدة لما كان لحدهم هذا معنى ، ولا يجوز ان يقال : ان الكاذب يأتى بالعبارة على خلاف المعبر عنه ، لأن ذلك انما يقال فيمن اراد شيئا ثم اتى بلفظ لا يصلح للذى اراد ، ولا يمكننا ان نزعم في الكاذب انه اراد امرا ثم اتى بعبارة لا تصلح لما اراد ـ انتهى.
(و) الأمر الثالث انه (للزم التناقض في الواقع عند الاخبار بأمرين متناقضين).
قال الشيخ : ومن الدليل على فساد ما زعموه انه لو كان معنى الاثبات