قصد له يعتقد به ولا شعور ، ومما يدل على ان كلام المجنون ليس بخبر ما ذكره السيوطى في شرح الكلام بقوله : واشار الى اشتراط كونه موضوعا ـ اى مقصودا ـ ليخرج ما ينطق به النائم والساهى ونحوهما بقوله «كاستقم» اذ من عادته اعطاء الحكم بالمثال ـ انتهى.
(فيكون مرادهم) اى الكفار (حصره) اى حصر خبره «ص» بالحشر والنشر (في كونه خبرا كاذبا او ليس بخبر ، فلا يثبت خبر لا يكون صادقا ولا كاذبا) فلا يثبت واسطة. وبعبارة اخرى : الاخبار حال الجنة ليس صادقا ولا كاذبا ، لكن لا باعتبار انه واسطة بل باعتبار ان ما ينطق به المجنون ونحوه ليس مقصودا فليس بكلام حتى يكون واسطة.
(قلت : كفى دليلا في التقييد) ما تقدم آنفا من (نقل ائمة اللغة واستعمال العرب) الافتراء في الكذب عن عمد وقصد (ولا نسلم للقصد والشعور مدخلا في خبرية الكلام ، فان قول المجنون او النائم او الساهى) او نحوهم («زيد قائم» كلام) وهو (ليس بانشاء ، فيكون خبرا ، ضرورة انه لا يعرف بينهما واسطة) حتى يكون قول هؤلاء منها (وفيه بحث) وهو ان الانحصار في الانشاء والخبر انما هو فيما يكون كلاما حقيقة على زعم هذا القائل ، ولأن الانحصار فيهما باطل عنده بل يجعل كلام المجنون واسطة.
هذا ، ولنا في المقام كلام ذكرناه في الجزء الاول من المكررات عند قول السيوطى المتقدم ، فراجع ان شئت.
(واعلم ان المشهور فيما بين القوم ان احتمال الصدق والكذب من خواص الخبر لا يجرى في غيره من المركبات مثل «الغلام الذى لزيد»