وذلك لأنه اذا اتحد الواقع والاعتقاد ـ كما هو المفروض ايضا ـ فعدم مطابقة الخبر لاحدهما يستلزم عدم مطابقة الآخر.
والى ما اوضحنا لك من الملازمة اشار بقوله : (ضرورة توافق الواقع والاعتقاد) فتدبر جيدا (وغيرهما) اى غير هذين القسمين اللذين احدهما صدق والآخر كذب (وهي) اى غيرهما والتأنيث باعتبار الخبر (الأربعة الباقية ، اعنى المطابقة مع اعتقاد اللا مطابقة) نحو قول الكافر الجاحد المعاند «الاسلام حق» (او) المطابقة (بدون الاعتقاد) نحو قول الشاك ونحوه ذلك (وعدم المطابقة مع اعتقاد المطابقة) نحو قول ذلك الكافر «الاسلام باطل» (او) عدم المطابقة (بدون الاعتقاد) نحو قول الشاك ونحوه ذلك (ليس بصدق ولا كذب) بل كل واحد من هذه الاربعة واسطة بينهما.
(و) قد علم مما ذكر ان (كل) واحد (من الصدق والكذب بتفسيره) اى الجاحظ (اخص منه) اى من كل واحد من الصدق والكذب (بتفسير الجمهور والنظام ، لأنه) اى الجاحظ (اعتبر في كل) واحد (منهما جميع الأمرين اللذين اكتفوا) اى الجمهور والنظام (بواحد منهما).
وبعبارة اخرى : لأن الجاحظ اعتبر في الصدق مطابقة الواقع والاعتقاد معا ، والجمهور اكتفوا بمطابقة الواقع فقط ، والنظام اكتفى بمطابقة الاعتقاد فقط. وكذلك اعتبر الجاحظ في الكذب عدم مطابقة الخبر للواقع وللاعتقاد معا ، والجمهور اكتفوا بعدم مطابقته للواقع فقط ، والنظام اكتفى بعدم مطابقته للاعتقاد فقط.
(واستدل الجاحظ) على ثبوت الواسطة (بدليل قوله تعالى)