وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ» فانه تعالى سجل عليهم) اى قضى واثبت وحكم عليهم (بأنهم كاذبون في قولهم (إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ) مع انه مطابق للواقع) بالضرورة (فلو كان الصدق عبارة عن مطابقة الواقع) كما يقوله الجمهور (لما صح هذا) التسجيل ، لأن قولهم (إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ) خبر مطابق للواقع ، فالتكذيب لعدم مطابقة هذا القول لاعتقادهم الفاسد ، فثبت ان المناط في الصدق والكذب هو الاعتقاد لا الواقع ، لامتناع ان يكون الصادق كاذبا ، واذا كان الخبر قد جعل كاذبا لعدم مطابقته للاعتقاد مع مطابقته للواقع ، فاذا لم يطابق الواقع ايضا فهو اولى وأليق بأن يكون كاذبا ، واذا ثبت ان مناط الكذب مجرد عدم مطابقة الاعتقاد كان الصدق مقابله ، لعدم الواسطة باتفاق من الخصم اعنى الجمهور ، فيكون الصدق مطابقة الاعتقاد.
(ورد هذا الاستدلال) اجمالا وتفصيلا : أما اجمالا فيما تقدم من قول المفتاح من ان تكذيبنا لليهودي مثلا اذا قال «الاسلام باطل» وتصديقنا له اذا قال «الاسلام حق» ينحيان بالقلع عن هذا ويستوجبان طلب تأويل لقوله تعالى (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ) الاية ـ انتهى وسيأتي بيان التأويل فانتظر.
واما تفصيلا فبوجوه ذكر الخطيب وجهين من تلك الوجوه : الأول منهما كما يأتى منع كون التكذيب راجعا الى قولهم (إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ) مسندا بوجهين اشار الى احدهما بقوله : (بأن المعنى (لَكاذِبُونَ) في) الخبر الذى استلزمته (الشهادة وادعائهم فيها المواطاة) اى مواطاة القلب واللسان ، اى موافقتهما (فالتكذيب راجع الى قولهم (نَشْهَدُ)) لكن لا باعتبار نفسه بل (باعتبار تضمنه خبرا كاذبا ، وهو) اي