(والجواب ان مرادنا) نحن المتدبرين في منشأ الفضائل والمزايا (ان) منشأ (الفضيلة التى بها يستحق اللفظ ان يوصف بالفصاحة) والبلاغة والبراعة وما شاكل ذلك (انما تكون في المعنى دون اللفظ).
(و) ان قلت : اذا كان الأمر على ما ذكر من ان منشأ تلك الفضيلة في المعنى ، فما المانع من ان يقال «معنى فصيح» ، وما السبب في عدم سماع ذلك من عاقل مدرك فصاحة الكلام؟
قلنا : ان المانع من ذلك القول والسبب في عدم السماع ان (الفصاحة) بالمعنى الثانى ، اى البلاغة (عبارة عن كون اللفظ على وصف) وهو كونه من حيث المعنى مطابقا لمقتضى الحال ، ومعلوم ضرورة انه (اذا كان) اللفظ (عليه) اى على ذلك الوصف (دل) اللفظ (علي تلك الفضيلة) فالمنشأ لتلك الفضيلة ـ وان كان هو المعنى لا غير ـ لكن الدال عليها والموصوف بها اللفظ لا غير (فيمتنع ان يوصف بها) اى بتلك الفضيلة (المعنى كما يمتنع) ايضا (بأنه) اى المعنى (دال) ، وذلك لأن المعنى ـ كما قلنا ـ منشأ لا دال.
وأحسن ما قيل في المقام ما ذكره بعض المحققين نقلا عن قوانين البلاغة ، وهذا نصه : البلاغة شيء يبتديء من المعنى وينتهى الى اللفظ والفصاحة (بالمعنى الذى مرّ في صدر المقدمة) شيء يبتديء من اللفظ وينتهى الى المعنى ، فان فيها جمعا بين ما افترق من كلام الناس ـ انتهى.
(ولها ـ اى للبلاغة في الكلام ـ طرفان) : احدهما (اعلى) وهو الطرف الذى (اليه ينتهى البلاغة) صعودا (كذا) قال الخطيب (في)