واذا نبهته لموضع المزية انتبه ، فأما من كانت الحالان والوجهان عنده ابدا على سواء وكان لا يتفقد من امر النظم الا الصحة المطلقة والا اعرابا ظاهرا فما اقل ما يجدي الكلام معه ، فليكن من هذه صفته عندك بمنزلة من عدم الاحساس بوزن الشعر والذوق الذي يقيمه به والطبع الذى يميز صحيحه من مكسوره ومزاحفه من سالمه وما خرج من البحر مما لم يخرج منه ، في انك لا تتصدي له ولا تتكلف تعريفه لعلمك انه قد عدم الاداة التى معها تعرف والحاسة التي بها تحد ، فليكن قدحك في زندوار والحك في عود انت تطمع منه في نار ـ انتهى.
وليعلم ان التوصيف المذكور والفهم المتقدم انما يكون (بعد سلامته) اى اللفظ (من اللحن) اى الغلط (في الاعراب) النحوى (والخطأ) الصرفي (في) مادة (الألفاظ ثم انا لا ننكر ان تكون مذاقة الحروف) اي ملائمتها للطبع (وسلامتها) اى سهولة النطق بها (يوجب الفضيلة) المؤثرة في البلاغة والفصاحة (ويؤكد امر الاعجاز وانما ننكر ان يكون الاعجاز به) اي بالمذكور من مذاقة الحروف وسلاستها (و) ان (يكون هو) اى المذاقة وسلاسة الحروف فقط (الأصل والعمدة) في امر البلاغة والاعجاز.
(ومما اوقعهم في الشبهة) اى في ان زعموا أن الفصاحة من صفات الألفاظ (انه لم يسمع عاقل) مدرك فصاحة الكلام ان (يقول «معنى فصيح») بل سمع دائما من ذلك العاقل انه يقول «لفظ فصيح» فمن اجل ذلك صح ان يزعم ان الفصاحة من صفات الألفاظ ، فالحكم عليه بفساد زعمه في غير محله.