كتابه (الايضاح) ولكن بتغيير يسير غير مخل بالمقصود ، اذ نصه فيه : وللبلاغة طرفان اعلى اليه تنتهي ـ انتهى.
(وهو) اى الطرف الأعلى (حد الاعجاز وهو) اى الاعجاز عندنا البيانيين (ان يرتقي الكلام في بلاغته) فقط (الى ان يخرج) الكلام بذلك الارتقاء (عن طوق البشر ويعجزهم عن معارضته) واما عند غيرنا فالاعجاز يمكن ان يكون بغير ذلك مما ذكرناه في الجزء الاول وسيأتى عنقريب ايضا.
قال في دلائل الاعجاز : ولم ازل منذ خدمت العلم انظر فيما قاله العلماء في معنى الفصاحة والبلاغة والبيان والبراعة ، وفي بيان المغزي من هذه العبارات وتفسير المراد منها ، فأجد بعض ذلك كالرمز والايماء والاشارة في خفاء ، وبعضه كالتنبيه على مكان الخبىء ليطلب وموضع الدفين ليبحث عنه فيخرج ، وكما يفتح لك الطريق الى المطلوب لتسلكه وتوضع لك القاعدة لتبنى عليها ، ووجدت المعول على ان ههنا نظما وترتيبا وتأليفا وتركيبا وصياغة وتصويرا ونسجا وتحبيرا ، وان سبيل هذه المعاني في الكلام الذي هي مجاز فيه سبيلها في الأشياء التي هي حقيقة فيها ، وانه كما يفضل هناك النظم النظم والتأليف التأليف والنسج النسج والصياغة الصياغة ، ثم يعظم الفضل وتكثر المزية حتى يفوق الشيء نظيره والمجانس له درجات كثيرة ، وحتى تتفاوت القيم التفاوت الشديد ، كذلك يفضل بعض الكلام بعضا ويتقدم منه الشيء الشيء ، ثم يزداد من فضله ذلك وتترقى منزلة فوق منزلة ويعلو مرقبا بعد مرقب ويستأنف له غاية حتى ينتهى الى حيث تنقطع الأطماع وتحسر الظنون وتسقط القوى وتستوى الاقدام في