ان تكون مندرجة مع ما يأتي بعدها ، متعلقة به ، كقوله تعالى : (إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ) وقد جاءت في قول المتنبى منقطعة ، ألا ترى انه قال : «تلذ له المروءة وهي تؤذي» ثم قال : «ومن يعشق يلذ له الغرام» فجاء بكلام مستأنف ، وقد جاءت هذه اللفظة بعينها في الحديث النبوي ، واضيف اليها كاف الخطاب ، فازال ما بها من الضعف والركة ، وذاك انه اشتكى النبي (ص) فجاءه جبرئيل (ع) ورقاه ، فقال : بسم الله ارقيك من كل داء يؤذيك ، فانظر الى السر في استعمال اللفظة الواحدة ، فانه لما زيد على هذه اللفظة حرف واحد اصلحها وحسنها ، ومن هنا تزاد ـ الهاء ـ في بعض المواضع ، كقوله تعالى : (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ* إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ) ثم قال : (ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ* هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ) فان الأصل في هذه الألفاظ : كتابى ، وحسابي ومالي ، وسلطاني ، فلما اضيفت ـ الهاء ـ اليها وتسمى : هاء السكت اضافت اليها حسنا زائدا على حسنها ، وكستها لطافة ولباقة ، وكذلك ورد في القرآن الكريم : (إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ) فلفظة لي ـ ايضا ـ مثل لفظة يؤذي ، وقد جاءت في الآية مندرجة متعلقة بما بعدها ، واذا جاءت منقطعة ، لا تجيء لائقة كقول أبي الطيب ـ ايضا ـ :
تمسى الأماني صرعى دون مبلغه |
|
فما يقول لشىء ليت ذلك لي |
وربما وقع بعض الجهال في هذا الموضع ، فادخل فيه ما ليس منه كقول ابي الطيب :
ما اجدر الأيام والليالي |
|
بان تقول ماله ومالى |