يوسف الصديق (ع) : الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ، يوسف بن يعقوب بن اسحق بن ابراهيم ، ولقد فاوضنى في هذا البيت المشار اليه بعض علماء الأدب ، وأخذ يطعن فيه من جهة تكراره ، فوقفته على مواضع الصواب منه ، وعرفته انه كالخبر النبوى من جهة المعنى سواء بسواء ، لكن لفظه ليس بمرضى على هذا الوجه الذي قد استعمل فيه ، فان الألفاظ اذا كانت حسانا في حال انفرادها ، فان استعمالها في حال التركيب يزيدها حسنا على حسنها ، او يذهب ذلك الحسن عنها ، وقد تقدم ذلك في المقالة الاولى من الصناعة اللفظيّة ، ولو تهيأ لأبي الطيب المتنبى ان يبدل لفظة «العارض» بلفظة السحاب او ما يجرى مجراها : «لكان أحسن ، وكذلك لفظة «الهتن» فانها ليست بمرضية في هذا الموضع على هذا الوجه ، ولفظة العارض وان كانت قد وردت في القرآن ، وهي لفظة حسنة ، فالفرق بين ورودها في القرآن الكريم ، وورودها في هذا البيت الشعري ظاهر ، وقد تقدم الكلام على مثلها من آية. وبيت لأبي الطيب ـ ايضا ـ وهو في المقالة اللفظية عند الكلام على الألفاظ المفردة ، فليؤخذ من هناك. (قال هناك اعلم : ان صاحب هذه الصناعة يحتاج في تأليف الكلام الى ثلاثة اشياء ، الأول منها : اختيار الألفاظ المفردة ، وحكم ذلك حكم اللألي المبددة ، فانها تتخير وتنتقي قبل النظم.
الثاني : نظم كل كلمة مع اختها في المشاكلة لها ، لئلا يجىء الكلام قلقا نافرا عن مواضعه ، وحكم ذلك حكم العقد المنظوم في اقتران كل لؤلؤة منه باختها المشاكلة لها.