هذه الأوصاف المذكورة ، مشيرا اليها ، كأنه قال : ادلكم على معدن كذا وكذا ومقره ومفاده ، وكذلك ورد قول المساور بن هند :
جزى الله عنى غالبا من عشيرة |
|
اذا حدثان الدهر ثابت نوائبه |
فكم دافعوا من كربة قد تلاحمت |
|
عليّ وموج قد علتني غواربه |
فصدر البيت الثاني وعجزه : يدلان على معنى واحد ، لأن تلاحم الكرب عليه كتعالى الموج من فوقه ، وانما سوغ ذلك لأنه في مقام مدح واطراء ، ألا ترى انه يصف احسان هؤلاء القوم عند حدثان دهره في التكرير ، وفي قبالته لو كان القائل هاجيا ، فان الهجاء في هذا كالمدح ، والتكرار انما يحسن في كلا الطرفين لا في الوسط.
واعلم : انه اذا وردت ان المكسوة المخففة بعد ما كانت بمعناها سواء ، ألا ترى الى قوله تعالى : (إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ) فان وما : بمعنى واحد ، واذا اوردت من بعد ـ ما ـ كانت من باب التكرير كقولنا : ما ان يكون كذا وكذا ، اي : ما يكون كذا وكذا ، واذا وردت في الكلام ، فانما ترد في مثل ما اشرنا اليه من التكرير فان استعملت في غير ما يكون منها لفائدة ينتجها تكريرها ، كان استعمالها لغوا لا فائدة فيه.
وقد زعم قوم من مدعى هذه الصناعة : ان أبا الطيب المتنبى أتى في هذا البيت بتكرير لا حاجة به اليه ، وهو قوله :
العارض الهتن ابن العارض الهتن |
|
ابن العارض الهتن ابن العارض الهتن |
وليس في هذا البيت من تكرير ، فانه كقولك الموصوف بكذا وكذا ابن الموصوف بكذا وكذا اي : انه عريق النسب في هذا الوصف.
وقد ورد في الحديث النبوي مثل ذلك ، كقوله (ص) في وصف