تأكيد القول في منع علي (ع) من التزويج بابنة ابي جهل بن هشام ، وهذا مثل قوله تعالى : (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) ومن اجل ذلك تقول : «لا إله الا الله وحده لا شريك له» لأن قولنا : لا إله الا الله ، مثل قولنا : وحده لا شريك له ، وهما في المعنى سواء وانما كررنا القول فيه : لتقرير المعنى واثباته ، وذاك : لأن من الناس من يخالف فيه ، كالنصارى والثنوية ، والتكرير في مثل هذا المقام ابلغ من الايجاز ، واحسن واسد موقعا.
ومما جاء في مثل هذا ، قوله تعالى : (اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ) فقوله : (مِنْ قَبْلِهِ) بعد قوله : (مِنْ قَبْلِ) فيه دلالة على ان عهدهم بالمطر قد بعد وتطاول ، فاستحكم بأسهم ، وتمادى ابلائهم ، فكان الاستبشار على قدر اغتمامهم بذلك.
وعلى ذلك ورد قوله تعالى : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ) فقوله : لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر يقوم مقام قوله : (وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ) لان من لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر لا يدين دين الحق ، وانما كرر هاهنا للخطب على المأمور بقتالهم ، والتسجيل عليهم بالذم ورجمهم بالعظائم ، ليكون ذلك ادعى لوجوب قتالهم وحربهم ، وقد قلنا : ان التكرير انما يأتي لما اهم من الامر الذي بصرف العناية اليه يثبت ويتقرر.