وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ* وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ أُولئِكَ الْأَحْزابُ إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقابِ) وانما كرر تكذيبهم هاهنا : لأنه لم يأت به على اسلوب واحد ، بل تنوع فيه بضروب من الصنعة فذكره اولا في الجملة الخبرية على وجه الابهام ، ثم جاء بالجملة الاستثنائية فأوضحه بأن كل واحد من الاحزاب كذب جميع الرسل ، لأنهم اذا كذبوا واحدا منهم فقد كذبوا جميعهم ، وفي تكرير التكذيب وايضاحه بعد ابهامه ، والتنوع في تكريره بالجملة الخبرية اولا ، وبالاستثنائية ثانيا ، وما في الاستثناء من الوضع على وجه التوكيد والتخصيص المبالغة المسجلة عليهم باستحقاق اشد العذاب وابلغه ، وهذا باب من تكرير اللفظ والمعنى حسن غامض ، وبه يعرف مواقع التكرير ، والفرق بينه وبين غيره ، فافهمه ـ انشاء الله تعالى ـ.
الفرع الثاني من الضرب الاول : اذا كان التكرير في اللفظ والمعنى يدل على معنى واحد ، والمراد به غرض واحد ، كقوله تعالى :
(فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ* ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ) والتكرير دلالة التعجب من تقديره واصابته الغرض ، وهذا كما يقال : «قتله الله ما اشجعه ، او ما اشعره» وعليه ورد قول الشاعر : «الا يا اسلمي ثم اسلمي ثم اسلمي» وهذا مبالغة في الدعاء لها بالسلامة ، وكل هذا يجاء به لتقرير المعنى المراد واثباته ، وعليه ورد الحديث النبوي ، وذاك : ان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «ان بنى هشام بن المغيرة استأذنونى ان ينكحوا ابنتهم عليا (ع) ، فلا آذن ، ثم لا آذن ، ثم لا آذن ، الا ان يطاق علي ابنتي وينكح ابنتهم» فقوله (ص) : لا آذن ، ثم لا آذن ، ثم آذن» من التكرير الذي اشد موقعا من الايجاز ، لانصباب العناية الى