اي : في المستقبل ، (ما أَعْبُدُ) اي : في الحال ، فالحاصل : ان القصد نفي عبادته لآلهتهم في الأزمنة الثلاثة ، وكذا : (فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ) ثم قال : (فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ) ثم قال : (وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ) فان المراد بكل واحد من هذه الاذكار غير المراد بالآخر ، فالأول الذكر في مزدلفة عند الوقوف بقزح وقوله : (وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ) اشارة الى تكرره ثانيا وثالثا ، ويحتمل ان يراد به : طواف الافاضة ، بدليل تعقيبه بقوله : (فَإِذا قَضَيْتُمْ) والذكر الثالث : اشارة الى رمى جمرة العقبة ، والذكر الأخير لرمى ايام التشريق.
ومنه تكرير حرف الاضراب ، في قوله : (بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ) وقوله : (بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ).
ومنه قوله : (وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) ثم قال : (وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) فكرر الثاني ليعم كل مطلقة ، فان الآية الاولى في المطلقة قبل الفرض والمسيس خاصة ، وقيل : لان الاولى لا تشعر بالوجوب ، ولهذا لما نزلت قال بعض الصحابة ، ان شئت احسنت ، وان شئت فلا ، فنزلت الثانية ، اخرجه ابن جرير ، ومن ذلك :
تكرير الامثال ، كقوله : (وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ) وكذلك ضرب مثل المنافقين اول البقرة : بالمستوقد نارا ، ثم ضربه بأصحاب الصيب.
قال الزمخشرى : والثاني ابلغ من الأول ، لأنه ادل على فرط الحيرة