وشدة الأمر وفظاعته ، قال : ولذلك اخروهم يتدرجون في نحو هذا من الأهون الى الأغلظ ، ومن ذلك ، تكرير القصص ، كقصة آدم ، وموسى ، ونوح ، وغيرهم من الأنبياء عليهمالسلام ، قال بعضهم : ذكر الله موسى في مائة وعشرين موضعا من كتابه ، وقال ابن العربي في القواصم : ذكر الله قصة نوح في خمس وعشرين آية ، وقصة موسى في تسعين آية.
وقد ألف البدر بن جماعة كتابا ، سماه : «المقتنص في فوائد تكرار القصص» وذكر في تكرار القصص فوائد :
منها : ان في كل موضع زيادة شىء لم يذكر في الذي قبله ، او ابدال كلمة باخرى لنكتة ، وهذه عادة البلغاء.
ومنها : ان الرجل كان يسمع القصة من القرآن ثم يعود الى أهله ثم يهاجر بعده آخرون يحكون ما نزل بعد صدور من تقدمهم ، فلو لا تكرار القصص لوقعت قصة موسى الى قوم ، وقصة عيسى الى آخرين وكذا سائر القصص ، فاراد الله اشتراك الجميع فيه : فيكون افادة لقوم وزيادة تأكيد لآخرين.
ومنها : ان في ابراز الكلام الواحد في فنون كثيرة وأساليب مختلفة ما لا يخفى من الفصاحة.
ومنها : ان الدواعي لا تتوفر على نقلها ، كتوفرها على نقل الأحكام فلهذا كررت القصص دون الأحكام.
ومنها : انه تعالى انزل هذا القرآن ، وعجز القوم عن الاتيان بمثله ، ثم اوضح الأمر في عجزهم : بأن كرر ذكر القصة في مواضع اعلاما بأنهم عاجزون عن الاتيان بمثله ، بأي نظم جاءوا ، وبأي عبارة