ان التأكيد لا يزاد به على ثلاثة ، لأن ذاك في التأكيد الذي هو تابع اما ذكر الشىء في مقامات متعددة اكثر من ثلاثة ، فلا يمتنع ، انتهى ويقرب من ذلك ما ذكره ابن جرير في قوله تعالى : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ) ـ الى قوله ـ (وَكانَ اللهُ غَنِيًّا حَمِيداً* وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) قال : فان قيل : ما وجه تكرار قوله : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) في آيتين ، احديهما في اثر الاخرى؟
قلنا : لاختلاف معنى الخبرين عما في السموات والأرض ، وذلك : لأن الخبر عنه في احدى الآيتين ذكر حاجته الى بارئه ، وغنى بارئه غنه ، وفي الاخرى حفظ بارئه اياه ، وعلمه به ، وبتدبيره ، قال : فان قيل : افلا قيل : (وَكانَ اللهُ غَنِيًّا حَمِيداً) (وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) قيل : ليس في الآية الاولى ما يصلح ان يختم بوصفه معه بالحفظ والتدبير ، انتهى.
وقال الله تعالى : (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ) قال الراغب : الكتاب الأول ما كتبوه بأيديهم ، المذكور في قوله تعالى : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ) والكتاب الثاني التوراة ، والثالث لجنس كتب الله كلها ، اي : ما هو من شىء من كتب الله وكلامه.
ومن امثلة ما يظن تكرارا وليس منه : (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ* لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ) الى آخرها ، فان (لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ) اي :
في المستقبل ، (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ) اي : في الحال ما اعبد في المستقبل (وَلا أَنا عابِدٌ) اي : في الحال ما عبدتم في الماضي ، (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ)