الوصال ، وباختيار الشق الثانى ، وهو : انه طلب الفراق حال الوصال لكونه وصالا آئلا الى الزوال ، فيطلب الفراق حال ذلك الوصال ، ليحصل غيره ، اعنى : الوصال الدائم ، (ومنشأه) اي : منشأ ذلك التكلف والتعسف : (عدم التعمق في المعاني) ، التي يقصدونها البلغاء والفصحاء في محاوراتهم واشعارهم ، (وقلة التصفح) والتتبع (لكلام المهرة) الحاذقين في استنباط معاني الكلام (من السلف) ، اي : الشيخ عبد القاهر وامثاله ، (و) المعنى (الصحيح) الذي بينه الشيخ عبد القاهر ونحن نفقل كلامه مفصلا ـ بعيد هذا ـ خلاصته : (انه) اي : الشاعر لم يرد بقوله : «سأطلب بعد الدار» انه يطلبه في المستقبل ، بل (أراد بطلب) بعد الدار ، اي : (الفراق) ، الرضا بذلك ، (وطيب النفس به ، وتوطينها) اي : تذليلها ، اي النفس ، قال ـ في المصباح ـ : وطن نفسه على الأمر توطينا مهدها لفعله وذللها (عليه) ، اي : على بعد الدار والفراق الموجود الآن ، (حتى) يبلغ ذلك الطيب والتوطين الى حد (كأنه) ، اي الفراق (امر) اي : شىء (مطلوب) للشاعر ، (والمعنى) اي : معنى البيت ـ حينئذ ـ : (انى اليوم اطيب) على وزن ابيع ، اي : انبسط انا وانشرح (نفسا) ، اي : تنبسط وتنشرح نفسي ، وانما جعلنا النفس فعلا ، لكون هذا القسم من التمييز فاعلا في المعنى ، كما يصرح به ابن مالك في قوله في ـ باب التمييز ـ :
واجرر بمن ان شئت غير ذي العدد |
|
والفاعل المعنى كطب نفسا تفد |
(وأوطنها) ، اي : امهدها واذللها ، اي : النفس (على مقاساة الأحزان) التي تسببت عن البعد عن الأحبة والاصدقاء ، قال في ـ اقرب