سبب وتمرة : حزن أشد الحزن ، فهو كئب ، وكئيب.
(واصاب) الشاعر في هذه الكناية ، لأنه لا تعقيد ولا خلل فيها (لأنه) اي : سكب الدموع ، (كثيرا ما) سيأتي اعراب هذه الكلمة عند قول المصنف : «فالبلاغة راجعة الى اللفظ» فراجع ، حاصله : ان في اكثر الأحيان (يجعل) سكب الدموع (دليلا) وكناية (عليه) اي : على ما يلزمه فراق الأحبة من الكآبة والحزن ، (يقال : أبكاني) فلان ، (واضحكني) ، والمراد منهما معناهما الكنائي ، (اي : سائنى وسرني ، قال) الشاعر (الحماسي) :
انزلني الدهر على حكمه |
|
من شامخ عال الى خفض |
(أبكاني الدهر ويا ربما |
|
أضحكنى الدهر بما يرضى |
(ولكنه اخطأ في الكناية عما يوجبه دوام التلاقي) ، اي : دوام تلاقي الأحبة ، (والوصال) ، اي : وصالهم ، (من الفرح والسرور بجمود العين ، فان الانتقال من جمود العين الى بخلها بالدموع ، حال ارادة) الانسان (البكاء ، وهي حالة الحزن) ، اي : حالة حزن الانسان (على مفارقة الأحبة ، لا الى ما قصده الشاعر من السرور الحاصل بملاقاة الأصدقاء ، ومواصلة الأحبة ، ولهذا لا يصح) عند ارادة دعاء الخير لأحد (ان يقال) ـ مخاطبا اياه ـ : (لا زالت عينك جامدة ، كما) يصح ان (يقال : لا ابكى الله عينك) ، وذلك : لأن المفهوم من الأول ، دعاء الشر ، والمفهوم من الثاني ، دعاء الخير ، والحاكم بذلك العرف واللغة ، (و) الدليل على ذلك : انه (يقال) في العرف واللغة : (سنة جماد) ، للسنة التي (لا مطر فيها) ، وكذلك يقال : (ناقة جماد) ، للناقة التي (لا لبن لها) ، وانما يوصفونهما بذلك