الأواخر والاول.
(والنصب) ، اي : نصب تسكب (توهم) وغلط ، وذلك : لأنه حينئذ اما معطوف على قوله : «بعد الدار» وذلك فاسد ، معنى ، فلأن سكب الدموع حينئذ يدخل تحت الطلب ، فيلزم ـ حينئذ ـ طلب الحاصل ، لأن البكاء والحزن حاصل للعاشق الصادق ، كما دل عليه قوله تعالى : (وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ) وطلب الحاصل محال كتحصيل الحاصل ، اللهم الا ان يقال : ان المراد استمرار السكب لا نفسه فتأمل واما لفظا : فسيأتى عند بيان معنى البيت ، انه صحيح لا مانع فيه ، وكذلك الاحتمال الثاني ، اعني : العطف على ـ لتقربوا ـ واما عطف على قوله : «لتقربوا» وذلك فاسد معنى ، للزوم نتيجة التناقض بين التعليلين ، اعني : المعطوف عليه والمعطوف ، لأن المفهوم من الأول : ان الغاية من طلبه بعد الدار القرب والوصال ، المقتضى للفرح والسرور والمفهوم من الثانى : ان الغاية من الطلب المذكور سكب الدموع ، الذي هو عبارة اخرى عن الكآبة والحزن ، والتناقض بين المفهومين واضح كالنار على المنار.
هذا ، ولكن لا يذهب عليك : ان الشارح يحمل كلام المشهور على كلا الاحتمالين ، عند بيان معنى البيت ، وذلك بعيد عنهم ، فلا بد من ان يقال : رب مشهور لا اصل له.
(عيناي الدموع لتجمدا) ، فالشاعر (جعل سكب الدموع ـ وهو البكاء ـ كناية عما يلزمه فراق الأحبة من الكآبة) ، اي : سوء الحال والانكسار ، (و) شدة (الحزن) ، قال في ـ المصباح ـ : كأب يكأب من باب ـ تعب ـ كآبة ـ بمد الهمزة ـ وكأبا ، وكأبة ، مثل :