المسألة ١٧٧ :
النّسب
يتّضح معناه مما يأتى : الاسم يدل على معنى مفرد ، لا يزيد عليه شيئا ؛ كمحمد ، وفاطمة ، ومصر ، ومكة ، وبغداد ، ودمشق ، ونظائرها من سائر الأسماء ، ولا يدل واحد منها إلا على : مسمّاه. أى : على الشىء الذى سمّى به ـ كما عرفنا (١) ـ.
لكن لو زدنا فى آخر الاسم ياء مشددة قبلها كسرة ، (فقلنا : محمدىّ ، أو : فاطمىّ ، أو : مصرىّ ، أو : مكىّ ، أو : بغدادىّ ، أو : دمشقىّ ...) لنشأ من هذه الزيادة اللفظية الصغيرة زيادة معنوية كبيرة ؛ إذ يصير اللفظ بصورته الجديدة مركبا من الاسم الذى يدل على مسماه ، ومن الياء المشددة التى تدل على أن شيئا منسوبا لذلك الاسم ؛ أى : مرتبطا به بنوع ارتباط يصل بينهما ؛ كقرابة ، أو صداقة ، أو نشأة ، أو صناعة ... أو غير هذا من أنواع الروابط والصلات ؛ فمن يسمع لفظ : «محمدىّ» ، لا بد أن يفهم سريعا أمرين معا ؛ هما : «محمد» الدال على مسمى ، وشىء آخر منسوب إلى محمد ، أى : متصل به بطريقة من طرق الاتصال ، كالقرابة أو الصداقة ، أو التعلم ، أو غيره ـ كما قلنا ـ وكذلك من يسمع لفظ : فاطمىّ ، أو : مصرىّ ، أو : مكىّ ، أو : ما هو على شاكلتها ـ لا بد أن يفهم الأمرين معا فى سرعة ووضوح. ولهذا تسمى تلك الياء : «ياء النّسب». ويسمى الاسم الذى تتصل بآخره : «المنسوب إليه». كما يسمى الشىء الذى تدل عليه وعلى أنه مرتبط ومتصل بما قبلها : «المنسوب». فكل لفظ مشتمل على هذه الياء مما سبق ـ ومن نظائره ـ هو معها فى الوقت نفسه منسوب ومنسوب إليه بانضمامها له ؛ فهما معا شيئان ، برغم الاختصار اللفظىّ المبين.
وبسبب الأثر المعنوى السّالف يعتبر الاسم المشتمل على ياء النسب مؤولا بالمشتق (٢) أى : فى حكمه ـ لتضمنه معنى المشتق ، إذ معناه المنسوب إلى كذا ،
__________________
(١) سبق بيان هذا فى موضعه الخاص (ج ١ ص ٢٥ م ٢).
(٢) فيصلح للمواضع التى تحتاج إلى مشتق (كالنعت. وقد يرفع اسما بعده كما يرفعه المشتق ، مثل : هذا عربى أبوه. وهذا أثر حكمى من آثار النسب الحكمية. ـ انظر رقم ٥ من الهامش التالى ـ.