ومن أمثلة الموضوع على صيغة غالبة فى التكسير وليس له مفرد : «أعراب (١)» فإن صيغة «أفعال» شائعة فى الجموع ، نادرة فى المفردات غاية الندرة ؛ إذ لا تعرف إلا فى بضع كلمات معدودة ، منها قدر أعشار (٢) ، وثوب أخلاق (٣) ... فتلك الصيغ الموضوعة على وزن يخص جمع التكسير أو يغلب فيه ، تدخل فى عداد جمع التكسير ؛ بالرغم من عدم وجود مفرد حقيقى لها. وفى هذه الحالة يفترض النحاة لها وجود مفرد ، مقدّر ، (خيالىّ) ، أى : غير حقيقى ، لتكون بهذا المفرد الملحوظ داخلة ـ اعتبارا ـ فى جموع التكسير الأصيلة.
والحق أنه لا داعى لشىء من هذا الافتراض والتخيل ما دام الواقع يخالفه ، وما دامت أحكام التكسير المختلفة ستجرى على تلك الصيغ.
(ب) اسم الجمع ما يدل على أكثر من اثنين ، وليس له مفرد من لفظه ومعناه معا ، وليست صيغته على وزن خاص بالتكسير ، أو غالب فيه. فيدخل فى اسم الجمع ما له مفرد من معناه فقط ، مثل : إبل وقوم ، وجماعة ؛ فلهذه الكلمات وأشباهها مفرد من معناها فقط ؛ فمفرد إبل هو : جمل أو ناقة ، ومفرد قوم وجماعة هو : رجل أو امرأة ... وليس لها مفرد من لفظها ومعناها معا برغم دلالتها على أكثر من اثنين ...
ويدخل فى اسم الجمع أيضا ما يدل بصيغته على الواحد والأكثر من غير أن تتغير تلك الصيغة ، نحو : «فلك» ، للسفينة الواحدة والأكثر.
وكذلك يدخل فى اسم الجمع ما له مفرد من لفظه ولكن إذا عطف على هذا المفرد مماثلان أو أكثر كان معنى المعطوفات مخالفا لمعنى اللفظ الدال على الكثرة ، نحو : قريش ؛ فإن مفرده قرشىّ. فإذا قيل قرشى ، وقرشى ، وقرشى ... كان معنى هذه المعطوفات ، هو : جماعة منسوبة إلى قبيلة «قريش» ، وهو معنى يختلف اختلافا واسعا عن معنى «قبيلة قريش» ، فليس مدلول قبيلة قريش مساويا مدلول : جماعة منسوبة إلى قريش.
__________________
(١) وليس مفردها : «عرب» فى رأى كثير من اللغويين ؛ لأن «العرب» تطلق على سكان الحواضر والصحارى. أما «الأعراب» فالغالب ـ عنده ـ اختصاصها بالبدو.
(٢) مكسرة. وقيل : إن كلمة «أعشار» ليست مفردا ، وإنما هى جمع وقع نعتا للمفرد ، شذوذا ، أو على ملاحظة أجزاء المنعوت. والمفرد : عشر ... والنتيجة واحدة. هى المخالفة للشائع.
(٣) متمزق قديم. وقيل فى أخلاق ، إنه ليس مفردا ، ولكنه جمع خلق. وقد وصف المفرد بالجمع شذوذا ، أو على ملاحظة أجزاء المنعوت ... والأمر فيه كسابقه فى رقم ٢.