هذا رأى الكوفيين ، والسماع الكثير يؤيدهم ، والأخذ برأيهم أولى ، بالرغم من مخالفة البصريين الذين يخصّون الحكم السابق بالضرورة ، ويؤولون الأمثلة المسموعة ، ويتكلفون فى التأويل ما لا يحسن قبوله ، وبعض أئمة النحاة يؤيد الكوفيين ، ولكن يستثنى صيغة «فواعل» فلا يقول : «فواعيل» ـ ولا داعى لهذا الاستثناء ـ وكذلك يؤيدهم بعض أئمة اللغة(١).
ويجب ـ كما تقدم ـ عند زيادة الياء ألا يكون الجمع مختوما بياء مشددة كالتى فى «كرسىّ» ؛ ويجب عند حذفها مراعاة أن حذفها لا يؤدى إلى وجود حرفين متماثلين متجاورين ؛ كما فى جمع : «جلباب» على «جلابيب» ، فلو حذفت الياء لأدى حذفها إلى أن تكون صيغة الكلمة المجموعة هى : «جلابب» بغير إدغام الباءين ، مع أن الإدغام هنا واجب ، ولو أدغمنا لم يعرف الأصل ، ولم يتضح المعنى.
(ح) وكما يجوز الإتيان بياء زائدة تعويضا عن المحذوف ، يجوز أيضا أن تجىء تاء التأنيث عوضا عن المحذوف (٢). إن كان أصله ألفا خامسة فى المفرد ، أو ياء فى صيغة منتهى الجموع ؛ مثل : (حبنطى ، وجمعه : حبانط ، وحبانيط ، وحبانطة) ، (وعفرنى (٣) وجمعه : عفارن ، وعفارين ، وعفارنة) ـ (وقنديل ، وقنادل ، وقناديل وقنادلة) ـ (ومطعان ومطاعن ، ومطاعين ، ومطاعنة). والتعويض بهذه التاء يكاد ينحصر فى هذين. أما الإتيان بالياء فغير مقصور على نوع من الأنواع التى أصابها الحذف ، وقد تدخل على ما لم يحذف منه شىء ـ كما سلف ـ فميدان زيادتها أوسع فى جموع التكسير من تاء التأنيث.
لكن هناك نوع آخر تكون فيه هذه التاء أكثر وجودا من الياء ؛ وهو : كل اسم مفرد مختوم بياء النسب ، وحذفت منه هذه الياء عند جمعه على إحدى صيغ منتهى الجموع ؛ فتدل التاء على أن الجمع للمنسوب لا للمنسوب إليه (٤) ، نحو : أشعثىّ وأشاعثة ، وأزرقىّ وأزارقة ، ومهلبىّ ومهالبة ، وصقلبىّ وصقالبة ، فلكل من الياء والتاء ما يمتاز به على الآخر.
* * *
__________________
(١) فيقول : كل جمع على «فواعل ومفاعل» يجوز أن يمد بالياء ؛ فيقال : فواعيل ومفاعيل (راجع المصباح المنير ، فى مادة : «دانق» وجمعه دوانق ، أو دوانيق ...)
(٢ ، ٢) سبقت إشارة لهذا فى رقم ٣ من هامش ص ٥٤٧.
(٣) شديد.